للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيَامًا يَنْظُرُونَ إِلَى سَعِيدٍ * كَأَنَّهُمُ يَرَوْنَ بِهِ هِلَالَا وَذَكَرَ أَنَّ عُثْمَانَ عَزَلَ عَنِ الْكُوفَةِ المغيرة وولاها سعد بن أبي وقاص، ثم عزله وولاها الوليد بن عتبة، ثُمَّ عَزَلَهُ وَوَلَّى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، فَأَقَامَ بِهَا حِينًا، وَلَمْ تُحْمَدْ سِيرَتُهُ فِيهِمْ وَلَمْ يُحِبُّوهُ، ثُمَّ رَكِبَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ - وَهُوَ الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ - فِي جَمَاعَةٍ إِلَى عُثْمَانَ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَعْزِلَ عَنْهُمْ سَعِيدًا فَلَمْ يَعْزِلْهُ، وَكَانَ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ فَبَعْثَهُ إِلَيْهِمْ، وَسَبَقَ الْأَشْتَرُ إِلَى الْكُوفَةِ فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَثَّهُمْ عَلَى مَنْعِهِ مِنَ الدخول إليهم، وركب الأشتر في جيش يمنعوه مِنَ الدُّخُولِ، قِيلَ تَلَقَّوْهُ إِلَى

الْعُذَيْبِ، - وَقَدْ نزل سعيد بالرعثة - (٣) فَمَنَعُوهُ مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى رَدُّوهُ إِلَى عُثْمَانَ، وَوَلَّى الْأَشْتَرُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَالثَّغْرِ وَحُذَيْفَةَ بْنَ اليمان على الفئ، فَأَجَازَ ذَلِكَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَبَعَثُوا إِلَى عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ فَأَمْضَاهُ وَسَرَّهُ ذَلِكَ فِيمَا أَظْهَرَهُ، ولكن هذا كان أَوَّلَ وَهَنٍ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ.

وَأَقَامَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى كَانَ زَمَنُ حَصْرِ عُثْمَانَ فَكَانَ عِنْدَهُ بِالدَّارِ، ثُمَّ لَمَّا رَكِبَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مَعَ عَائِشَةَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُونَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ رَكِبَ مَعَهُمْ، ثُمَّ انْفَرَدَ عَنْهُمْ هُوَ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَغَيْرُهُمَا، فَأَقَامَ بِالطَّائِفِ حَتَّى انْقَضَتْ تِلْكَ الْحُرُوبُ كُلُّهَا، ثُمَّ وَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَعَزَلَ مَرْوَانَ فَأَقَامَ سَبْعًا ثُمَّ رَدَّ مَرْوَانَ.

وَقَالَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنِي زِيَادٌ فِي شُغُلٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ أُمُورِي قُلْتُ: يَا أمير المؤمنين لم يكن الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً ثمَّ قَالَ.

يكون بين جماعة، إما كريم قريش سعيد بْنُ الْعَاصِ، وَأَمَّا فَتَى قُرَيْشٍ، حَيَاءً وَدَهَاءً وسخاء، عبد اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَرَجُلٌ سَيِّدٌ كَرِيمٌ، وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ فِي حُدُودِ الله، مروان بن الحكم، وإما رجل فقيه عبد الله بن عمر، وإما رجل يتردد الشَّرِيعَةَ مَعَ دَوَاهِي السِّبَاعِ وَيَرُوغُ رَوَغَانَ الثَّعْلَبِ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ.

وَرُوِّينَا أَنَّهُ اسْتَسْقَى يَوْمًا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَأَخْرَجَ لَهُ رجل من دار مَاءً فَشَرِبَ، ثُمَّ بَعْدَ حِينٍ رَأَى ذَلِكَ يَعْرِضُ دَارَهُ لِلْبَيْعِ فَسَأَلَ عَنْهُ لِمَ يَبِيعُ دَارَهُ؟ فَقَالُوا: عَلَيْهِ دَيْنٌ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَبَعَثَ إِلَى غَرِيمِهِ فَقَالَ: هِيَ لَكَ عَلَيَّ، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ الدَّارِ فَقَالَ: اسْتَمْتِعْ بِدَارِكَ.

وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ يُجَالِسُونَهُ قَدِ افْتَقَرَ وَأَصَابَتْهُ فَاقَةٌ شَدِيدَةٌ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنَّ أَمِيرَنَا هَذَا يُوصَفُ بِكَرَمٍ، فَلَوْ ذَكَرْتَ له حالك فلعله يسمح لك بشئ؟ فقال: ويحك! لا تحلقي وَجْهِي، فَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ مَكَثَ الرَّجُلُ جَالِسًا فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: أَظُنُّ جُلُوسَكَ لِحَاجَةٍ؟ فَسَكَتَ الرَّجُلُ، فَقَالَ سَعِيدٌ لِغِلْمَانِهِ: انْصَرِفُوا، ثُمَّ قَالَ لَهُ سَعِيدٌ: لَمْ يَبْقَ غيرك وَغَيْرُكَ، فَسَكَتَ، فَأَطْفَأَ الْمِصْبَاحَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ لَسْتَ تَرَى وَجْهِي فَاذْكُرْ حَاجَتَكَ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ أَصَابَتْنَا فَاقَةٌ وَحَاجَةٌ فَأَحْبَبْتُ ذِكْرَهَا لَكَ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ لَهُ: إِذَا أصبحت فالق وكيلي

فلاناً، فَلَمَّا أَصْبَحَ الرَّجُلُ لَقِيَ الْوَكِيلَ فَقَالَ لَهُ الوكيل: إن الأمير قد أمر لك بشئ فَأْتِ بِمَنْ يَحْمِلُهُ مَعَكَ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَنْ يَحْمِلُهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلَامَهَا وَقَالَ: حَمَلْتِينِي عَلَى بَذْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>