للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) أي إذا هموا هم بأذيتكم والفتك بكم فاستعينوا أنتم بربكم واصبروا على بليتكم (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة لمتقين) أي فكونوا أنتم المتقين لتكون لكم العاقبة كما قال في الآية الأخرى (وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين. فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين. ونجنا برحمتك من القوم الكافرين) [يونس: ٨٤ - ٨٦] وقولهم (قالوا أوذينا (١) من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا) أي قد كانت الأبناء تقتل قبل مجيئك وبعد مجيئك إلينا (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) [الأعراف: ١٢٩] وقال الله تعالى في سورة حم المؤمن (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا (٢) وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب) [غافر: ٢٣ - ٢٤] وكان فرعون الملك وهامان الوزير. وكان قارون إسرائيليا من قوم موسى إلا أنه كان على دين فرعون وملائه وكان ذا مال جزيل جدا كما ستأتي قصته فيما بعد إن شاء الله تعالى. (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال) [غافر: ٢٥] وهذا القتل للغلمان من بعد بعثة موسى إنما كان على وجه الإهانة والاذلال (٣)، والتقليل لملا بني إسرائيل، لئلا يكون لهم شوكة يمتنعون بها، ويصولون على القبط بسببها وكانت القبط منهم يحذرون، فلم ينفعهم ذلك ولم يرد عنهم قدر الذي يقول للشئ كن فيكون (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) [غافر: ٢٦]. ولهذا يقول الناس على سبيل التهكم: صار فرعون مذكرا، وهذا منه، فإن فرعون في زعمه يخاف على الناس أن يضلهم موسى . (وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) [غافر: ٢٧] أي عذت بالله ولجأت إليه [واستجرت] (٤) بجنابه أن يسطو فرعون وغيره علي بسوء وقوله (من كل متكبر) أي جبار عنيد لا يرعوي ولا ينتهي ولا يخاف عذاب الله وعقابه لأنه لا يعتقد معادا ولا جزاء. ولهذا قال (من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب. وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا


(١) قيل في الأذى: - في ابتداء ولادته كان الأذى قتل الأبناء واسترقاق النساء.
- تسخير بني إسرائيل في الأعمال نصف النهار.
- الأذى بعد مجيئه: تسخيرهم جميع النهار كله.
- قال الحسن: الأذى قبل وبعد: واحد هو الجزية. (القرطبي ٧/ ٢٦٣).
(٢) وهي الآيات التسع المذكورة في قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات) قيل هي: العصا واليد واللسان والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم. وقيل وفيها: السنين والنقص من الثمرات.
(٣) زاد القرطبي: ليمتنعوا من الايمان ولئلا يكثر جمعهم.
(٤) سقطت من النسخ المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>