للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجونين.

قال أو لو جئتك بشئ مُبِينٍ.

قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ.

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ.

قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ.

فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ.

وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ.

لَعَلَّنَا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين.

فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قالوا لفرعون إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ.

فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ.

فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ.

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ موسى وهرون * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.

لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ

وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ.

قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) .

[الشُّعَرَاءِ: ١٩ - ٥١] .

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَذَّبَ وَافْتَرَى وَكَفَرَ غَايَةَ الْكُفْرِ فِي قَوْلِهِ (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) وَأَتَى بِبُهْتَانٍ يَعْلَمُهُ الْعَالِمُونَ بَلِ الْعَالَمُونَ فِي قَوْلِهِ (إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) [الأعراف: ١٢٣] وَقَوْلُهُ (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ) يَعْنِي يَقْطَعُ الْيَدَ الْيُمْنَى وَالرِّجْلَ الْيُسْرَى وَعَكْسَهُ (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) أَيْ لَيَجْعَلُهُمْ (١) مَثُلَةً وَنَكَالًا لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِمْ أَحَدٌ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَأَهْلِ مِلَّتِهِ وَلِهَذَا قَالَ (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) أَيْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ لِأَنَّهَا أَعْلَى وَأَشْهَرُ (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى) يَعْنِي فِي الدُّنْيَا (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ) أَيْ لَنْ نُطِيعَكَ وَنَتْرُكَ مَا وَقَرَ فِي قلوبنا من البينات والدلائل القاطعات (وَالَّذِي فرطنا) قِيلَ مَعْطُوفٌ.

وَقِيلَ قَسَمٌ (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ) أَيْ فَافْعَلْ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ (إِنَّمَا تَقْضِي هذه الحياة الدنيا) أَيْ إِنَّمَا حُكْمُكَ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَإِذَا انْتَقَلْنَا مِنْهَا إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ صِرْنَا إِلَى حُكْمِ الَّذِي أَسْلَمْنَا لَهُ وَاتَّبَعْنَا رُسُلَهُ (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) أَيْ وَثَوَابُهُ خَيْرٌ مِمَّا وَعَدَتْنَا بِهِ مِنَ التَّقْرِيبِ (٢) وَالتَّرْغِيبِ وَأَبْقَى أَيْ وَأَدْوَمُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْفَانِيَةِ وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى (قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا) [الشعراء: ٥٠ - ٥١] أَيْ (٣) ما جترمناه مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ (أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) أي من القبط، بموسى وهرون عليهما لسلام * وَقَالُوا لَهُ أَيْضًا (وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جاءتنا) أي


١) في نسخة: أي ليجعلنهم.
٢) في نسخة: الترهيب.
٣) في القرطبي: أي الشرك الذي كانوا عليه.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>