للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النعم. وقال: ما يسر بي بذل الحلم عز النصر. وقال بعضهم: قال معاوية: يا بني أمية فارقوا قريشا بالحلم، فوالله لقد كنت ألقى الرجل في الجاهلية فيوسعني شتما وأوسعه حلما، فأرجع وهو لي صديق، إن استنجدته أنجدني، وأثور به فيثور معي، وما وضع الحلم عن شريف شرفه، ولا زاده إلا كرما وقال: آفة الحلم الذل. وقال: لا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ الرجل ذلك إلا بقوة الحلم. وقال عبد الله بن الزبير: لله در ابن هند، إن كنا لنفرقه وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منة فيتخادع لنا، والله لوددت أنا متعنا به ما دام في هذا الجبل حجر - وأشار إلى أبي قيس - وقال رجل لمعاوية: من أسود الناس؟ فقال: أسخاهم نفسا حين سأل، وأحسنهم في المجالس خلقا، وأحلمهم حين يستجهل. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: كان معاوية يتمثل بهذه الأبيات كثيرا:

فما قتل السفاهة مثل حلم … يعود به على الجهل الحليم

فلا تسفه وإن ملئت غيظا … على أحد فإن الفحش لوم

ولا تقطع أخا لك عند ذنب … فإن الذنب يغفره الكريم

وقال القاضي الماوردي في الأحكام السلطانية: وحكي أن معاوية أتي بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد من بينهم، فقال:

يميني أمير المؤمنين أعيذها … بعفوك أن تلقى مكانا يشينها

يدي كانت الحسناء لو تم سترها … ولا تعدم الحسناء عيبا يشيبها

فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة … إذا ما شمالي فارقتها يمينها

فقال معاوية: كيف أصنع بك؟ قد قطعنا أصحابك؟ فقالت أم السارق: يا أمير المؤمنين! اجعلها في ذنوبك التي تتوب منها. فخلى سبيله، فكان أول جد ترك في الاسلام وعن ابن عباس أنه قال: قد علمت بم غلب معاوية الناس، كانوا إذا طاروا وقع، وإذا وقع طاروا، وقال غيره: كتب معاوية إلى نائبه زياد: إنه لا ينبغي أن يسوس الناس سياسة واحدة باللين فيمرحوا، ولا بالشدة فيحمل الناس على المهالك، ولكن كن أنت للشدة والفظاظة والغلظة، وأنا للين والألفة والرحمة، حتى إذا خاف خائف وجد بابا يدخل منه. وقال أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز. قال: قضى معاوية عن عائشة أم المؤمنين ثمانية عشر ألف دينار، وما كان عليها من الدين الذي كانت تعطيه الناس. وقال هشام بن عروة عن أبيه: بعث معاوية إلى أم المؤمنين عائشة بمائة ألف ففرقتها من يومها فلم يبق منها درهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>