للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلمه بذلك، وكتب إلى يزيد عمارة بن عقبة (١) وعمرو (٢) بن سعد بن أبي وقاص، فبث يزيد فعزل النعمان عن الكوفة وضمها إلى عبيد الله بن زياد مع البصرة، وذلك بإشارة سرجون مولى (٣) يزيد بن معاوية، وكان يزيد يستشيره، فقال سرجون: أكنت قابلا من معاوية ما أشار به لو كان حيا؟ قال: نعم! قال: فاقبل مني فإنه ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد، فوله إياها. وكان يزيد يبغض عبيد الله بن زياد، وكان يريد أن يعزله عن البصرة، فولاه البصرة والكوفة معا لما يريده الله به وبغيره.

ثم كتب يزيد إلى ابن زياد: إذا قدمت الكوفة فاطلب مسلم بن عقيل فإن قدرت عليه فاقتله أو انفه، وبعث الكتاب مع العهد مع مسلم بن عمرو الباهلي، فسار ابن زياد من البصرة إلى الكوفة، فلما دخل دخلها متلثما بعمامة سوداء (٤)، فجعل لا يمر بملا من الناس إلا قال: سلام عليكم. فيقولون: وعليكم السلام مرحبا بابن رسول الله - يظنون أنه الحسين وقد كانوا ينتظرون قدومه - وتكاثر الناس عليه، ودخلها في سبعة عشر راكبا، فقال لهم مسلم بن عمرو من جهة يزيد: تأخروا، هذا الأمير عبيد الله بن زياد، فلما علموا ذلك علتهم كآبة وحزن شديد، فتحقق عبيد الله الخبر، ونزل قصر الامارة من الكوفة، فلما استقر أمره أرسل مولى أبي رهم - وقيل كان مولى له يقال له معقل - ومعه ثلاثة آلاف درهم في صورة قاصد من بلاد حمص، وأنه إنما جاء لهذه البيعة، فذهب ذلك المولى فلم يزل يتلطف ويستدل على الدار التي يبايعون بها مسلم بن عقيل حتى دخلها، وهي دار هانئ بن عروة التي تحول إليها من الدار الأولى، فبايع وأدخلوه على مسلم بن عقيل فلزمهم أياما حتى اطلع على جلية أمرهم، فدفع المال إلى أبي ثمامة العامري بأمر مسلم بن عقيل - وكان هو الذي يقبض ما يؤتى به من الأموال ويشتري السلاح - وكان من فرسان العرب، فرجع ذلك المولى وأعلم عبيد الله بالدار وصاحبها، وقد تحول مسلم بن عقيل إلى دار هانئ بن حميد بن عروة المرادي (٥)، ثم إلى دار شريك بن الأعور وكان من الامراء الأكابر، وبلغه أن عبيد الله يريد عيادته (٦)، فبعث إلى هانئ يقول له: ابعث مسلم بن عقيل حتى يكون في داري


(١) في سمط النجوم العوالي ٣/ ٥٩: عمارة بن الوليد.
(٢) كذا بالأصل والكامل، وفي الطبري: عمر وهو الصواب.
(٣) في الطبري والكامل: مولى معاوية، وفي ابن الأعثم: غلام أبيه واسمه سرجون.
(٤) في ابن الأعثم ٥/ ٦٥: غبراء، وفي الاخبار الطوال: دخلها وهو متلثم.
(٥) في ابن الأعثم والاخبار الطوال: هاني بن عروة المذحجي.
(٦) قيل أن هانئ مرض وأرسل إليه عبيد الله بن زياد أنه يرغب في عيادته (الطبري والكامل) أما في الاخبار الطوال قال: أن شريك بن الأعور نزل دار هانئ ومرض مرضا شديدا وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فأرسل إليه يعلمه أنه يأتيه عائدا. (ص ٢٣٤) وفي الطبري والكامل: مرض شريك بعد جمعة من مرض هانئ فجاءه عبيد الله عائدا في منزل هانئ بن عروة. وفي الإمامة والسياسة: قال هانئ سوف أتمارض، وإن لي من ابن زياد مكانا، فإذا جاء يعودني فاضرب عنقه ٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>