للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له كما قال قوم موسى لموسى، بل لما استشارهم في الذهاب إلى النفير تكلم الصديق فأحسن [وتكلم غيره] (١) من المهاجرين ثم جعل يقول: " أشيروا علي " حتى قال سعد بن معاذ: كأنك تعرض بنا يا رسول الله، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته، لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن يلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله. فسر رسول الله بقول سعد وبسطه ذلك. وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن مخارق بن عبد الله الأحمسي، عن طارق - وهو ابن شهاب - أن المقداد قال لرسول الله يوم بدر: يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولكن: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون (٢) … وهذا إسناد جيد من هذا الوجه وله طرق أخرى. قال أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل، عن مخارق، عن طارق بن شهاب، قال: قال عبد الله بن مسعود: لقد شهدت من المقداد مشهدا لان أكون أنا صاحبه أحب إلي مما عدل به أتى رسول الله : وهو يدعو على المشركين فقال (٣): والله يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن يسارك ومن بين يديك ومن خلفك. فرأيت وجه رسول الله : يشرق لذلك وسر بذلك، رواه البخاري في التفسير والمغازي من طرق عن مخارق به (٤). وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه: حدثنا علي بن الحسن بن علي، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا حميد، عن أنس أن رسول الله لما سار إلى بدر استشار المسلمين فأشار عليه عمر، ثم استشارهم فقالت الأنصار: يا معشر الأنصار (٥) إياكم يريد رسول الله قالوا: إذا لا نقول له كما قال بنو إسرائيل لموسى (إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) والذي بعثك بالحق إن ضربت أكبادها (٦) إلى برك الغماد (٧) لاتبعناك رواه الإمام أحمد عن عبيدة بن حميد، عن حميد


(١) في النسخ المطبوعة وغيره بحذف تكلم وما أثبتناه الصواب.
(٢) مسند أحمد ج ٤/ ٣١٤.
(٣) في النسخ المطبوعة: قال.
(٤) أخرجه البخاري في ٦٤ كتاب المغازي (٤) باب فتح الباري ٧/ ٢٨٧ وأعاد في التفسير مرتين: مرة عن أبي نعيم ومرة عن حمدان بن عمر (تفسير سورة المائدة).
وأخرجه أحمد في مسنده ج ١/ ٣٩٠، ٤٢٨ - ٤/ ١٨٤، ٣١٤).
(٥) قال العلماء: إنما قصد اختيار الأنصار، لأنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو، وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده، فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان أراد أن يعلم أنهم يوافقون على ذلك.
فأجابوه أحسن جواب.
(٦) كناية عن ركضها، فالفارس يركض بركوبه بتحريك رجليه على جانبيه ويضرب على موضع كبده.
(٧) برك الغماد: موضع بناحية الساحل من وراء مكة، وقيل موضع بأقاصي حجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>