للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمح فيقول: أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا (١).

قلت: قد استشكل بعضهم هذا من جهة أن ورقة توفي بعد البعثة في فترة الوحي، وإسلام من أسلم إنما كان بعد نزول (يا أيها المدثر) فكيف يمر ورقة ببلال، هو يعذب وفيه نظر (٢). ثم ذكر ابن إسحاق مرور أبي بكر ببلال وهو يعذب، فاشتراه من أمية بعبد له أسود فاعتقه وأراحه من العذاب وذكر مشتراه لجماعة ممن أسلم من العبيد والإماء، منهم بلال، وعامر بن فهيرة، وأم عميش (٣) التي أصيب بصرها ثم رده الله تعالى لها، والنهدية وابنتها اشتراها من بني عبد الدار بعثتهما سيدتهما تطحنان لها فسمعها وهي تقول لهما: والله لا أعتقكما أبدا فقال أبو بكر: حل يا أم فلان، فقالت حل أنت أفسدتهما فأعتقهما، قال فبكم هما؟ قالت بكذا وكذا. قال قد أخذتهما وهما حرتان، أرجعا إليها طحينها. قالتا: أو نفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها؟ قال: [أو] ذلك إن شئتما. واشترى جارية بني مؤمل - حي من بني عدي - كان عمر يضربها على الاسلام. قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن عبد الله بن أبي عتيق عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن بعض أهله. قال قال أبو قحافة لابنه أبي بكر: يا بني إني أراك تعتق ضعافا، فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلداء يمنعونك ويقومون دونك؟ قال فقال أبو بكر: يا أبة إني إنما أريد ما أريد. قال: فتحدث أنه ما أنزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قال أبوه (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) إلى آخر السورة (٤). وقد تقدم ما رواه الإمام أحمد وابن ماجة من حديث عاصم بن بهدلة عن زر عن ابن مسعود. قال أول من أظهر الاسلام سبعة، رسول الله وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد فأما رسول الله فمنعه الله بعمه [أبي طالب]، وأبو بكر منعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله تعالى، وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد. ورواه الثوري عن منصور عن مجاهد مرسلا (٥).


(١) أي لأجعلن قبره موضع حنان فأتمسح به متبركا.
(٢) وقد تقدم التعليق حول وفاة ورقة بعد فترة الوحي، كما جاء في البخاري، وأن ورقة لم يبق إلى إسلام بلال. فليراجع في مكانه من هذا الجزء.
(٣) كذا في الأصول: وفي ابن هشام: أم عبيس، وان التي أصيب بصرها حين أعتقها أبو بكر هي زنيرة - كما عند ابن هشام - فقالت قريش عند ذلك: ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى. فقالت: كذبوا وبيت الله، فرد الله بصرها. (راجع ترجمتها في الإستيعاب لابن عبد البر على هامش الإصابة ٤: ٣٢٢ والإصابة ج ٤/ ٣١١).
(٤) الخبر في سيرة ابن هشام ١/ ٣٣٩ - ٣٤٠ ٣٤١.
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٢٨٤ وقال: صحيح الاسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ١/ ١٤٩ وابن عبد البر في الاستيعاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>