للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن خلكان: كانت أم سلمة (١) بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس، وذكر الزمخشري في ربيع الأبرار أن يزدجرد كان له ثلاث بنات سبين في زمن عمر بن الخطاب، فحصلت واحدة لعبد الله بن عمر فأولدها سالما، والأخرى لمحمد بن أبي بكر الصديق فأولدها القاسم، والأخرى للحسين بن علي فأولدها عليا زين العابدين هذا، فكلهم بنو خالة. قال ابن خلكان: ولما قتل قتيبة بن مسلم فيروز بن يزدجرد بعث بابنتيه إلى الحجاج فأخذ إحداهما وبعث بالأخرى إلى الوليد، فأولدها الوليد يزيد الناقص. وذكر ابن قتيبة في كتاب المعارف أن زين العابدين هذا كانت أمه سندية، يقال لها سلامة (٢)، ويقال غزالة، وكان مع أبيه بكربلاء، فاستبقي لصغره، وقيل لمرضه، فإنه كان ابن ثلاث وعشرين سنة، وقيل أكثر من ذلك، وقد هم بقتله عبيد الله بن زياد، ثم صرفه الله عنه، وأشار بعض الفجرة على يزيد بن معاوية بقتله أيضا فمنعه الله منه، ثم كان يزيد بعد ذلك يكرمه ويعظمه ويجلسه معه، ولا يأكل إلا وهو عنده، ثم بعثهم إلى المدينة، وكان علي بالمدينة محترما معظما. قال ابن عساكر: ومسجده بدمشق المنسوب إليه معروف. قلت: وهو مشهد علي بالناحية الشرقية من جامع دمشق. وقد استقدمه عبد الملك بن مروان مرة أخرى إلى دمشق فاستشاره في جواب ملك الروم عن بعض ما كتب إليه فيه من أمر السكة وطراز القراطيس، قال الزهرمي: ما رأيت قرشيا أورع منه، ولا أفضل. وكان مع أبيه يوم قتل ابن ثلاث وعشرين سنة وهو مريض، فقال عمر بن سعد: لا تعرضوا لهذا المريض. وقال الواقدي: كان من أورع الناس وأعبدهم وأتقاهم لله ﷿، وكان إذا مشى لا يخطر بيده، وكان يعتم بعمامة بيضاء يرخيها من ورائه، وكان كنيته أبا الحسن، وقيل أبا محمد، وقيل أبا عبد الله. وقال محمد بن سعد: كان ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا ورعا، وأمه غزالة خلف عليها بعد الحسين مولاه زبيد فولدت له عبد الله بن زبيد، وهو علي الأصغر، فأما الأكبر فقتل مع أبيه. وكذا قال غير واحد، وقال سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم ومالك وأبو حازم: لم يكن في أهل البيت مثله. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: سمعت علي بن الحسين وهو أفضل هاشمي أدركته يقول: يا أيها الناس أحبونا حب الاسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا. وفي رواية: حتى بغضتمونا إلى الناس. وقال الأصمعي: لم يكن للحسين عقب إلا من علي بن الحسين، ولم يكن لعلي بن الحسين نسل إلا من ابن عمه الحسن، فقال له مروان بن الحكم: لو اتخذت السراري يكثر أولادك، فقال: ليس لي ما أتسرى به، فأقرضه مائة ألف فاشترى له السراري فولدت له وكثر نسله، ثم لما مرض مروان أوصى أن لا يؤخذ من علي بن الحسين شئ مما كان أقرضه، فجميع الحسينيين من نسله . وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أصح الأسانيد كلها الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده، وذكروا أنه


(١) انظر الحاشية السابقة.
(٢) في المعارف ص ٩٤ وفي رواية ابن خلكان عنه: سلافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>