للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشِدَّةِ مَوْضِعِ الْقُيُودِ عَلَيْهِ، فكبرَّ الْحَجَّاجُ وَكَبَّرَ أصحابه وأشار جَحْدَرٌ يَقُولُ: يَا جُمْلُ إِنَّكِ لَوْ رَأَيْتِ كَرِيهَتِي * فِي يَوْمِ هولٍ مسدفٍ وَعَجَاجِ وَتَقَدُّمِي لليث أرسفُ موثقاً * كيما أساوره على الأخراج شَثْنٌ بَرَاثِنُهُ؟ كَأَنَّ نُيُوبَهُ * زُرْقُ الْمَعَاوِلِ أَوْ شِبَاهُ زُجَاجِ يَسْمُو بِنَاظِرَتَيْنِ تَحْسَبُ فِيهِمَا * لَهَبًا أحدَّهما شُعَاعُ سِرَاجِ وَكَأَنَّمَا خِيطَتْ عَلَيْهِ عَبَاءَةٌ * برقاء أو خرقاً مِنَ الدِّيبَاجِ لَعَلِمْتِ أَنِّي ذُو حفاظٍ ماجدٍ * من نسل أقوام ذوي أبراج فَعِنْدَ ذَلِكَ خَيَّرَهُ الْحَجَّاجُ إِنْ شَاءَ أَقَامَ عِنْدَهُ، وَإِنْ شَاءَ انْطَلَقَ إِلَى بِلَادِهِ، فَاخْتَارَ الْمَقَامَ عِنْدَ الْحَجَّاجِ، فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ وَأَعْطَاهُ أَمْوَالًا.

وَأَنْكَرَ يَوْمًا أَنْ يَكُونَ الْحُسَيْنُ مِنْ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِأَنَّهُ ابْنَ بِنْتِهِ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ: كَذَبْتَ! فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْتَ بينة مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، فَقَالَ قَالَ اللَّهُ (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ) [الأنعام: ٨٤] إلى قوله (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى) [الانعام: ٨٥] فعيسى من ذرية إبرهيم، وَهُوَ إِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ مَرْيَمَ، وَالْحُسَيْنُ ابْنُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .

فَقَالَ الْحَجَّاجُ: صَدَقْتَ، وَنَفَاهُ إِلَى خُرَاسَانَ.

وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ مَعَ فَصَاحَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ يَلْحَنُ فِي حُرُوفٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَنْكَرَهَا يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يُبْدِلُ إِنِ الْمَكْسُورَةَ بأن الْمَفْتُوحَةِ وَعَكْسُهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ [قُلْ إِنْ كَانَ آباؤكم وأبناؤكم] إلى قوله [أحب إليكم] فيقرأها برفع أحب.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ يَسْأَلُهُ عَنْ أَمْسِ وَالْيَوْمَ وَغَدٍ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ: أَكَانَ خُوَيْلِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ! فَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: أَمَّا أَمْسِ فَأَجَلٌ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَعَمَلٌ، وَأَمَّا غَدًا فَأَمَلٌ.

وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى.

قَالَ: لمَّا قَتَلَ الحجَّاج ابْنَ الْأَشْعَثِ وَصَفَتْ لَهُ الْعِرَاقُ، وسَّع عَلَى النَّاس فِي الْعَطَاءِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ تُنْفِقُ فِي الْيَوْمِ مَا لَا يُنْفِقُهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ في الأسبوع وتنفق في الأسبوع مالاً يُنْفِقُهُ

أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الشَّهْرِ، ثُمَّ قَالَ مُنْشِدًا: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ * وكن يا عبيد الله تخشى وتضرع ووفر خراج المسلمين وفيأهم * وَكُنْ لَهُمُ حِصْنًا تُجِيرُ وَتَمْنَعُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: لَعَمْرِي لَقَدْ جَاءَ الرَّسُولُ بِكُتْبِكُمْ * قَرَاطِيسَ تملا ثُمَّ تُطْوَى فَتُطْبَعُ كِتَابٌ أَتَانِي فِيهِ لِينٌ وغلظة * وذكرث وَالذِّكْرَى لِذِي اللُّبِّ تَنْفَعُ وَكَانَتْ أُمُورٌ تَعْتَرِينِي كَثِيرَةٌ * فَأَرْضَخُ أَوْ أَعْتَلُّ حِينًا فَأَمْنَعُ إِذَا كُنْتُ سَوْطًا مِنْ عَذَابٍ عَلَيْهِمُ * وَلَمْ يَكُ عِنْدِي بِالْمَنَافِعِ مَطْمَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>