للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم يرحمنا من كان يبغضنا * وَالْيَوْمَ يَأْمَنُنَا مَنْ كَانَ يَخْشَانَا وَرَوَى عَبْدُ الرزاق: عن معمر، عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ أُخْبِرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ مِرَارًا فَلَمَّا تَحَقَّقَ وَفَاتَهُ قَالَ: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام: ٤٥] وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْحَسَنَ لَمَّا بُشِّرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ سَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ مُخْتَفِيًا فَظَهَرَ، وَقَالَ اللَّهُمَّ أمتَّه فَأَذْهِبْ عَنَّا سُنَّتَهُ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: لَمَّا أَخْبَرْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ

بَكَى مِنَ الْفَرَحِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ بن الحارث لِأَهْلِ السِّجْنِ يَمُوتُ الْحَجَّاجُ فِي مَرَضِهِ هَذَا فِي لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيلة لَمْ يَنَمْ أَهْلُ السِّجْنِ فَرَحًا، جَلَسُوا ينظرون حتى يسمعوا الناعية، وَذَلِكَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ عُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً (١) ، لِأَنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ عَامَ الْجَمَاعَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَقِيلَ بعدها بسنة، وقيل قبلها بسنة، مَاتَ بِوَاسِطٍ وَعُفِيَ قَبْرُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ الْمَاءُ لِكَيْلَا يُنْبَشَ وَيُحْرَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: ما كان أعجب حال الْحَجَّاجَ، مَا تَرَكَ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد، حدثني عبد الرحمن بن عبيد الله بن فرق: ثنا عمي قال: زعموا أن الحجاج لما مات لم يَتْرُكْ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمُصْحَفًا وَسَيْفًا وَسَرْجًا وَرَحْلًا وَمِائَةَ دِرْعٍ مَوْقُوفَةٍ، وَقَالَ شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ: حَدَّثَنِي عَمِّي يَزِيدُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ فَقَالَ: حَدِّثْنِي بوصية الحجاج بن يوسف، فقال: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: حَدِّثْنِي بِهَا، فَقُلْتُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّهُ يُشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إِلَّا طَاعَةَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الملك، عليها يحيى، وَعَلَيْهَا يَمُوتُ، وَعَلَيْهَا يُبْعَثُ، وَأَوْصَى بِتِسْعِمِائَةِ دِرْعٍ حَدِيدٍ، سِتِّمِائَةٍ مِنْهَا لِمُنَافِقِي أَهْلِ الْعِرَاقِ يَغْزُونَ بِهَا، وَثَلَاثِمِائَةٍ لِلتُّرْكِ.

قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو جَعْفَرٍ رَأْسَهُ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ الطُّوسِيِّ - وَكَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ - فَقَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ الشِّيعَةُ لَا شِيعَتُكُمْ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: قَتَلَنِي بِكُلِّ قَتْلَةٍ قَتَلْتُ بِهَا إِنْسَانًا، قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا صَنَعَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: يَا مَاصَّ بَظْرِ أُمِّهِ أَمَا سَأَلْتَ عَنْ هَذَا عَامَ أَوَّلَ؟ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ: كُنْتُ عِنْدَ الرَّشِيدِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ.

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ، قَالَ: فِي أَيِّ زِيٍّ رَأَيْتَهُ؟ قال: في زي قبيح.

فقلت: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: مَا أَنْتَ وَذَاكَ يَا مَاصَّ بَظْرِ أُمِّهِ! فَقَالَ هَارُونُ: صدق وَاللَّهِ، أَنْتَ رَأَيْتَ الْحَجَّاجَ حَقًّا، مَا كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ لِيَدَعَ صَرَامَتَهُ حَيًّا

وَمَيِّتًا.

وَقَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ثنا ضمرة بن أبي شوذب عن أشعث الخراز.


(١) في مروج الذهب ٣ / ٢٠٤ وابن الاثير ٤ / ٥٨٤ والاخبار الطوال ص ٣٢٨: أربعا وخمسين.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>