للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإحسان في قدرة، وطاعة معها نصيحة، وتورع في رغبة، وتعفف وصبر في شدة، لا ترديه رغبته، ولا يبدره لسانه، ولا يسبقه بصره، ولا يغلبه فرجه، ولا يميل به هواه، ولا يفضحه لسانه، ولا يستخفه حرصه، ولا تقصر به نيته.

كذا ذكر هذه الألفاظ عنه (١) .

قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح عن الحكم بن ظهير عن يحيى بن المختار عن الحسن فذكره، وقال فيه أيضاً عنه: يَا بَنِي آدَمَ إن من ضعف يقينك أن تكون بما في يدك أوثق منك بما في يدي الله عزوجل.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إبراهيم اليشكري، حدثنا موسى بن إسماعيل الجيلي، حدَّثنا حفص بن سليمان أبو مقاتل عن عون بن أبي شداد، عن الحسن قال: قال لقمان لانبه: يا بني! ! العمل لا يستطاع إلا باليقين، ومن يضعف يقينه يضعف عمله.

وَقَالَ: يَا بَنِيَّ إذا جاءك الشيطان من قبل الشك والريب فاغلبه باليقين والنصيحة، وإذا جاءك من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بذكر القبر والقيامة، وإذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة فأخبره أن الدنيا مفارقة متروكة.

وقال الحسن: ما أيقن عبد بالجنة والنار حق يقينهما إلا خشع وذبل واستقام واقتصد حتَّى يأتيه الموت.

وقال: باليقين طلبت الجنة، وباليقين هربت من النار، وباليقين أديت الفرائض على أكمل وجهها، وباليقين أصبر على الحق وفي معافاة الله خير كثير، قد والله رأيناهم يتعاونون في العافية، فإذا نزل البلاء تفارقوا.

وقال: الناس في العافية سواء، فإذا نزل البلاء تبين عنده الرجال.

وفي رواية: فإذا نزل البلاء تبين من يعبد الله وغيره، وفي رواية فإذا نزل البلاء سكن المؤمن إلى إيمانه، والمنافق إلى نفاقه.

وقال الفريابي في فضائل القرآن: حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا معمر عن يحيى بن المختار، عن الحسن قال: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، لم يأتوا الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ أوله، قال الله عزوجل: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص: ٢٩] وما تدبر آياته إلا أتباعه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قد قرأت القرآن كله فما أسقط منه حرفاً واحداً، وقد والله أسقطه كله، ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: والله إني لأقرأ السورة في نفس، لا والله ما هؤلاء بالقرآء ولا بالعلماء ولا الحكماء ولا الورعة، ومتى كانت القراءة هكذا أو يقول مثل هذا، لا أكثر الله في الناس مثل هؤلاء.

ثم روى الحسن عن جندب قال: قال لنا حذيفة: هل تخافون من شئ؟ قال: قلت والله إنك وأصحابك لأهون الناس عندنا، فقال: أما والذي نفسي بيده لا تؤتون إلا من قبلنا، ومع ذلك نشء آخر يقرأون القرآن يكونون في آخر هذه الأمة ينثرونه نثر الدقل، لا يجاوز تراقيهم، تسبق قراءتهم إيمانهم.


(١) كذا بالاصل ولم يعين اسم من ذكر عنه.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>