للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيب فيها شيئا وقد شذ عنه في أمهات الأولاد يرويه عن عمر بن الخطاب - فقلت: إني أحفظ عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب،: فأخذني فأدخلني على عبد الملك: فسألني ممن أنت؟ فانتسبت له، وذكرت له حاجتي وعيالي، فسألني هل تحفظ القرآن؟ قلت: نعم والفرائض والسنن، فسألني عن ذلك كله فأجبته، فقضى ديني وأمر لي بجائزة، وقال لي: اطلب العلم فإني أرى لك عينا حافظة وقلبا ذكيا، قال: فرجعت إلى المدينة أطلب العلم وأتتبعه، فبلغني أن امرأة بقباء رأت رؤيا عجيبة، فأتيتها فسألتها عن ذلك، فقالت: إن بعلي غاب وترك لنا خادما وداجنا ونخيلات، نشرب من لبنها، ونأكل من ثمرها، فبينما أنا بين النائمة واليقظي رأيت كأن ابني الكبير - وكان مشتدا - قد أقبل فأخذ الشفرة فذبح ولد الداجن، فقال: إنه هذا يضيق علينا اللبن، ثم نصب القدر وقطعها ووضعها فيه، ثم أخذ الشفرة فذبح بها أخاه، وأخوه صغير كما قد جاء، ثم استيقظت مذعورة، فدخل ولدي الكبير فقال: أين اللبن؟ فقلت: يا بني شربه ولد الداجن، فقال: إنه قد ضيق علينا اللبن، ثم أخذ الشفرة فذبحه وقطعه في القدر، فبقيت مشفقة خائفة مما رأيت، فأخذت ولدي الصغير فغيبته في بعض بيوت الجيران، ثم أقبلت إلى المنزل وأنا مشفقة جدا مما رأيت، فأخذتني عيني فنمت فرأيت في المنام قائلا يقول: مالك مغتمة؟ فقلت: إني رأيت مناما فأنا أحذر منه فقال: يا رؤيا يا رؤيا، فأقبلت امرأة حسناء جميلة، فقال: ما أدرت إلى هذه المرأة الصالحة؟ قالت: ما أردت إلا خيرا، ثم قال يا أحلام يا أحلام، فأقبلت امرأة دونها في الحسن والجمال، فقال: ما أردت إلى هذه المرأة الصالحة؟ فقالت: ما أردت إلا خيرا، ثم قال: يا أضغاث يا أضغاث، فأقبلت امرأة سوداء شنيعة فقال: ما أردت إلى هذه المرأة الصالحة؟ فقالت إنها امرأة صالحة فأحببت أن أعلمها ساعة، ثم استيقظت فجاء ابني فوضع الطعام وقال: أين أخي؟ فقلت: درج إلى بيوت الجيران، فذهب وراءه فكأنما هدي إليه، فأقبل به يقبله، ثم جاء فوضعه وجلسنا جميعا فأكلنا من ذلك الطعام.

ولد الزهري في سنة ثمان وخمسين (١) في آخر خلافة معاوية، وكان قصيرا قليل اللحية، له شعرات طوال خفيف العارضين. قالوا: وقد قرأ القرآن في نحو من ثمان وثمانين (٢) يوما، وجالس سعيد بن المسيب ثمان سنين، تمس ركبته ركبته، وكان يخدم عبيد الله بن عبد الله يستسقي له الماء المالح، ويدور على مشايخ الحديث، ومعه ألواح يكتب عنهم فيها الحديث، ويكتب عنهم كل ما سمع منهم، حتى صار من أعلم الناس وأعلمهم في زمانه، وقد احتاج أهل عصره إليه.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري قال: كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه


(١) في وفيات الأعيان ٤/ ١٧٨: سنة إحدى وخمسين، وفي تذكرة الحفاظ ١/ ١٠٨: سنة خمسين وقال ابن الأثير ٥/ ٢٦٠ ولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة خمسين.
(٢) في تذكرة الحفاظ ١/ ١١٠: في ثمانين يوما.

<<  <  ج: ص:  >  >>