للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه حظ ونصيب، وقد قضى عنه هشام مرة ثمانين ألف درهم، وفي رواية سبعة عشر ألفا، وفي رواية عشرين ألفا. وقال الشافعي: عتب رجاء بن حياة على الزهري في الاسراف وكان يستدين، فقال له: لا آمن أن يحبس هؤلاء القوم ما بأيديهم عنك فتكون قد حملت على أمانيك، قال: فوعده الزهري أن يقصر، فمر به بعد ذلك وقد وضع الطعام ونصب موائد العسل، فوقف به رجاء وقال: يا أبا بكر ما هذا بالذي فارقتنا عليه، فقال له الزهري: انزل فإن السخي لا تؤدبه التجارب. وقد أنشد بعضهم في هذا المعنى:

له سحائب جود في أنامله … أمطارها الفضة البيضاء والذهب

يقول في العسر إن أيسرت ثانية … أقصرت عن بعض ما أعطى وما أهب

حتى إذا عاد أيام اليسار له … رأيت أمواله في الناس تنتهب

وقال الواقدي: ولد الزهري سنة ثمان وخمسين، وقدم في سنة أربع وعشرين ومائة إلى أمواله بثلاث بشعب زبدا، فأقام بها فمرض هناك ومات وأوصى أن يدفن على قارعة الطريق، وكانت وفاته لسبع عشرة من رمضان في هذه السنة، وهو ابن خمس وسبعين سنة، قالوا: وكان ثقة كثير الحديث والعلم والرواية، فقيها جامعا، وقال الحسين (١) بن المتوكل العسقلاني: رأيت قبر الزهري بشعب زبدا (٢) من فلسطين مسنما مجصصا، وقد وقف الأوزاعي يوما على قبره فقال: يا قبر كم فيك من علم ومن حلم … يا قبر كم فيك من علم ومن كرم … وكم جمعت روايات وأحكاما. وقال الزبير بن بكار: توفي الزهري بأمواله بشعب ثنين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، عن ثنتين وسبعين سنة، ودفن على قارعة الطريق ليدعو له المارة، وقيل إنه توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقال أبو معشر: سنة خمس وعشرين ومائة، والصحيح الأول والله أعلم.

فصل

وروى الطبراني: عن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال: أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا: نحن نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي ، ثم قال لي: هلم فلنكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة، فقلت:


(١) في صفة الصفوة ٢/ ١٣٩: الحسن.
(٢) في صفة الصفوة عن الحسن بن المتوكل: بأدامي وهي أول عمل فلسطين وآخر عمل الحجاز وقال ابن خلكان ٤/ ١٧٨: دفن بأدامي وقيل أدمي وهي خلف شغب وبدا وهما واديان بين فلسطين والحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>