للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله العثماني، وكان أخا عبد الله بن حسن لامه، وكانت ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وقد حملت قريبا، فاستحضره الخليفة وقال: قد حلفت بالعتاق والطلاق إنك لم تغشني، وهذه ابنتك حامل، فإن كان من زوجها فقد حبلت منه وأنت تعلم به، وإن كان من غيره فأنت ديوث. فأجابه العثماني بجواب أحفظه به، فأمر به فجردت عنه ثيابه فإذا جسمه مثل الفضة النقية، ثم ضربه بين يديه مائة وخمسين سوطا، منها ثلاثون فوق رأسه، أصاب أحدها عينه فسالت، ثم رده إلى السجن وقد بقي كأنه عبد أسود من زرقة الضرب، وتراكم الدماء فوق جلده، فأجلس إلى جانب أخيه لامه عبد الله بن حسن، فاستسقى ماء فما جسر أحد أن يسقيه حتى سقاه خراساني من جملة الجلاوزة الموكلين بهم. ثم ركب المنصور هودجه وأركبوا أولئك في محامل ضيقة، وعليهم القيود والاغلال، فاجتاز بهم المنصور وهو في هودجه، فناداه عبد الله بن حسن: والله يا أبا جعفر ما هكذا صنعنا بأسرائكهم يوم بدر، فأخسأ ذلك المنصور وثقل عليه ونفر عنهم. ولما انتهوا إلى العراق حبسوا بالهاشمية، وكان فيهم محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وكان جميلا فتيا، فكان الناس يذهبون لينظروا إلى حسنه وجماله. وكان يقال له: الديباح الأصغر، فأحضره المنصور بين يديه وقال له: أما لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحدا. ثم ألقاه بين إسطوانتين وسد عليه حتى مات. فعلى المنصور ما يستحقه من عذاب الله ولعنته. وقد هلك كثير منهم في السجن حتى فرج عنهم بعد هلاك المنصور على ما سنذكره. فكان فيمن هلك في الحسن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وقد قيل والأظهر أنه قتل صبرا، وأخوه إبراهيم بن الحسن وغيرهما، وقل من خرج منهم من الحبس، وقد جعلهم المنصور في سجن لا يسمعون فيه أذانا، ولا يعرفون فيه وقت صلاة إلا بالتلاوة، ثم بعث أهل خراسان يشفعون في محمد بن عبد الله العثماني، فأمر به فضربت عنقه وأرسل برأسه إلى أهل خراسان، لا جزاه الله خيرا، ورحم الله محمد بن عبد الله العثماني.

وهو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي ، أبو عبد الله المدني المعروف بالديباج، لحسن وجهه. وأمه فاطمة بنت الحسين بن علي، روى الحديث عن أبيه وأمه وخارجة بن زيد وطاوس وأبي الزناد والزهري ونافع وغيرهم، وحدث عنه جماعة، ووثقه النسائي وابن حبان، وكان أخا عبد الله بن حسن لامه، وكانت ابنته رقية زوجة ابن أخيه إبراهيم بن عبد الله، وكانت من أحسن النساء، وبسببها قتله أبو جعفر المنصور في هذه السنة. وكان كريما جوادا ممدحا. قال الزبير بن بكار: أنشدني سليمان بن عباس السعدي لأبي وجزة السعدي يمدحه:

وجدنا المحض الأبيض من قريش … فتى بين الخليفة والرسول

أتاك المجد من هنا وهناك … وكنت له بمعتلج السيول

فما للمجد دونك من مبيت … وما للمجد دونك من مقيل

ولا يمضي وراءك يبتغيه … ولا هو قابل بك من بديل

<<  <  ج: ص:  >  >>