للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفَّ (١) بَيْنَ قَدَمَيْهِ، وَقَامَ يُصَلِّي حتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ رَامِيًا لَا يَفُوتُهُ صَيْدٌ يُرِيدُهُ وَكَانَ يَمُرُّ بِمَجَالِسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَقْضِي لَهُمْ حَوَائِجَهُمْ.

وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِصَوْمِ أُمِّهِ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمًا وَتُفْطِرُ يَوْمَيْنِ.

وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِصَوْمِ النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ الْأُمِّيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَقُولُ إِنَّ ذلك صوم الدهر.

وقد روى الإمام أحمد عن أبي النصر عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِي هَرِمٍ عَنْ صَدَقَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا فِي صَوْمِ دَاوُدَ.

[ذِكْرُ] (٢) كَمِّيَّةِ حَيَّاتِهِ وَكَيْفِيَّةِ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ تقدَّم فِي ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي خَلْقِ آدَمَ: أَنَّ اللَّهَ لَمَّا اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ ظَهْرِهِ فَرَأَى فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يُزْهِرُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ كَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ عَامًا قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْ فِي عُمُرِهِ.

قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمُرِكَ، وَكَانَ عُمُرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ، فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ عَامًا فَلَمَّا انْقَضَى عُمُرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ

الْمَوْتِ، فَقَالَ: بَقِيَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَنَسِيَ آدَمُ مَا كَانَ وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ دَاوُدَ، فَأَتَمَّهَا اللَّهُ لِآدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ وَلِدَاوُدَ مِائَةَ سَنَةٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ.

وَقَالَ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ طُرُقِهِ وَأَلْفَاظِهِ فِي قِصَّةِ آدَمَ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ عُمُرَ دَاوُدَ كَانَ سَبْعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً قُلْتُ هَذَا غَلَطٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِمْ قَالُوا وَكَانَ مُدَّةُ مُلْكِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَهَذَا قَدْ يُقْبَلُ نَقْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَنَا مَا يُنَافِيهِ وَلَا مَا يَقْتَضِيهِ.

وَأَمَّا وَفَاتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا قبيصة، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ بن عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْمَطَّلِبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: " كان داود عليه السلام فيه غيرة شديدة فكان إِذَا خَرَجَ أُغْلِقَتِ (٣) الْأَبْوَابُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَغُلِّقَتِ الدَّارُ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ تَطَّلِعُ إِلَى الدَّارِ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَتْ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ: مِنْ أَيْنَ دَخَلَ هَذَا الرجل والدار مغلقة، والله لنفتضحن بداود فجاء داود فإذا الرجل قائم في وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: مَنْ أَنْتَ؟ فقال: أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحجاب.

فقال داود أنت والله إذن ملك الموت مرحباً بأمر الله.

ثم مكث حتى قبضت روحه فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عَلَيْهِ الشَّمْسُ.

فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِلطَّيْرِ: أَظِلِّي عَلَى داود.

فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض، فقال سليمان للطير اقبضي


(١) في نسخة صفن، وكلاهما بمعنى.
(٢) سقطت من نسخ البداية المطبوعة.
(٣) في نسخ البداية المطبوعة: أغلق وما أثبتناه من مسند أحمد.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>