للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخطبه فتزوجها فلما دخلت عليه سقته خمرا ثم حزت رأسه ونصبته على بابها (١)، فأقبل الناس عليها وملكوها عليهم وهي بلقيس بنت السيرح وهو الهدهاد وقيل شراحيل بن ذي جدن بن السيرح (٢) بن الحرث بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وكان أبوها من أكابر الملوك وكان يأبى أن يتزوج من أهل اليمن فيقال إنه تزوج بامرأة من الجن اسمها ريحانة بنت السكن (٣)، فولدت له هذه المرأة واسمها تلقمة (٤) ويقال لها بلقيس. وقد روى الثعلبي من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: " كان أحد أبوي بلقيس جنيا ". وهذا حديث غريب وفي سنده ضعف. وقال الثعلبي أخبرني أبو عبد الله بن قبحونة، حدثنا أبو بكر بن جرجة، حدثنا ابن أبي الليث، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: ذكرت بلقيس عند رسول الله ، فقال: " لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ". إسماعيل بن مسلم هذا هو المكي ضعيف. وقد ثبت في صحيح البخاري: من حديث عوف، عن الحسن، عن أبي بكرة أن رسول الله لما بلغه أن أهل فارس ملكوا عليهم ابنة كسرى قال: " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " (٥). ورواه الترمذي والنسائي من حديث حميد عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي [بمثله] وقال الترمذي حسن صحيح وقوله: (وأوتيت من كل شئ) أي مما من شأنه أن تؤتاه الملوك (ولها عرش عظيم) يعني سرير مملكتها كان مزخرفا بأنواع الجواهر واللآلئ والذهب والحلي الباهر. ثم ذكر كفرهم بالله وعبادتهم الشمس من دون الله وإضلال الشيطان لهم وصده إياهم عن عبادة الله وحده لا شريك له الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما يخفون وما يعلنون أي يعلم السرائر والظواهر من المحسوسات والمعنويات (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) أي له العرش العظيم، الذي لا أعظم منه في المخلوقات. فعند ذلك بعثه معه سليمان كتابه يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله والإنابة والاذعان إلى الدخول في الخضوع لملكه وسلطانه ولهذا قال لهم: (ألا تعلوا علي) أي لا تستكبروا عن طاعتي وامتثال أوامري (واتوني مسلمين) أي وأقدموا علي سامعين مطيعين بلا معاودة ولا مراودة. فلما


(١) راجع الكامل لابن الأثير ١/ ٢٣٣.
(٢) ذكر الطبري في نسبها: ابنة ذي شرح بن ذي جدن بن ايلي شرح.
(٣) في أحكام القرطبي: بلعمة بنت شيصان. وفي الكامل: رواحة بنت السكر; وقيل يلقمه بنت عمرو بن عمير الجني.
(٤) في الطبري: بلمقة وفي الكامل: بلقمة.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه ٩٢/ ١٨، والترمذي في سننه ٣١/ ٧٥ وأحمد في مسنده: ٥/ ٣٨، ٤٣، ٤٥، ٤٧، ٥٠، ٥١ والنسائي في سننه وأبو داود الطيالسي في مسنده.
قال القاضي ابن العربي: هذا نص في أن المرأة لا تكون خليفة ولا خلاف فيه ونقل عن الطبري أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية، ولم يصح ذلك عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>