للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كل شئ قدير مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَغَيْرِهِ (١) : قَالَ فَرَكِبَ حِمَارَهُ حَتَّى أَتَى مَحِلَّتَهُ فَأَنْكَرَهُ النَّاسُ وَأَنْكَرَ النَّاسَ وأنكر منزله فَانْطَلَقَ عَلَى وَهَمٍ مِنْهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَمْيَاءَ مُقْعَدَةٍ قَدْ أَتَى عَلَيْهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، كَانَتْ أَمَةً لَهُمْ فَخَرَجَ عَنْهُمْ عُزَيْرٌ وَهِيَ بِنْتُ عِشْرِينَ

سَنَةً كَانَتْ عَرَفَتْهُ وَعَقَلَتْهُ فَلَمَّا أَصَابَهَا الْكِبَرُ أَصَابَهَا الزَّمَانَةُ (٢) .

فَقَالَ لَهَا عُزَيْرٌ يَا هَذِهِ أَهَذَا مَنْزِلُ عُزَيْرٍ قَالَتْ: نَعَمْ هَذَا مَنْزِلُ عُزَيْرٍ فَبَكَتْ وَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ يَذْكُرُ عُزَيْرًا وَقَدْ نَسِيَهُ النَّاسُ قَالَ فَإِنِّي أَنَا عُزَيْرٌ كَانَ اللَّهُ أَمَاتَنِي مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ بَعَثَنِي قَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ فَإِنَّ عُزَيْرًا قَدْ فَقَدْنَاهُ مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ فَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ قَالَ: فَإِنِّي أَنَا عُزَيْرٌ قَالَتْ: فَإِنَّ عُزَيْرًا رَجُلٌ مُسْتَجَابُ الدَّعْوَةِ يَدْعُو لِلْمَرِيضِ وَلِصَاحِبِ الْبَلَاءِ بِالْعَافِيَةِ وَالشِّفَاءِ فادعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ بَصَرِي حَتَّى أَرَاكَ فَإِنْ كُنْتَ عُزَيْرًا عَرَفْتُكَ.

قَالَ فَدَعَا رَبَّهُ وَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى عَيْنَيْهَا فَصَحَّتَا وَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ: قُومِي بِإِذْنِ اللَّهِ فَأَطْلَقَ اللَّهُ رِجْلَيْهَا فَقَامَتْ صَحِيحَةً كَأَنَّمَا نَشِطَتْ مِنْ عِقَالٍ (٣) فَنَظَرَتْ فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أنَّك عُزَيْرٌ وَانْطَلَقَتْ إِلَى مَحِلَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ فِي أَنْدِيَتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ وَابْنٌ لِعُزَيْرٍ شَيْخٌ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَثَمَانِي عَشْرَ (٤) سنة وبني بَنِيهِ شُيُوخٌ فِي الْمَجْلِسِ فَنَادَتْهُمْ فَقَالَتْ: هَذَا عُزَيْرٌ قَدْ جَاءَكُمْ فَكَذَّبُوهَا، فَقَالَتْ: أَنَا فُلَانَةٌ مَوْلَاتُكُمْ دَعَا لِي رَبَّهُ فَرَدَّ عَلَيَّ بَصَرِي وَأَطْلَقَ رِجْلَيَّ وَزَعَمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَاتَهُ مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ: فَنَهَضَ النَّاسُ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَقَالَ ابْنُهُ كَانَ لِأَبِي شَامَةٌ سَوْدَاءُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَكَشَفَ عَنْ كَتِفَيْهِ فَإِذَا هُوَ عُزَيْرٌ فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فإنَّه لَمْ يَكُنْ فِينَا أَحَدٌ حَفِظَ التَّوْرَاةَ فِيمَا حُدِّثْنَا غَيْرُ عُزَيْرٍ وَقَدْ حَرَّقَ بُخْتُ نَصَّرَ التوراة ولم يبق منها شئ إِلَّا مَا حَفِظَتِ الرِّجَالُ فَاكْتُبْهَا لَنَا وَكَانَ أبوه سروخا وقد دَفَنَ التَّوْرَاةَ أَيَّامَ بُخْتُ نَصَّرَ فِي مَوْضِعٍ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ غَيْرُ عُزَيْرٍ فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَحَفَرَهُ فَاسْتَخْرَجَ التَّوْرَاةَ وَكَانَ قَدْ عَفِنَ الْوَرَقُ وَدَرَسَ الْكِتَابُ قَالَ وَجَلَسَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ حَوْلَهُ فَجَدَّدَ لَهُمُ التَّوْرَاةَ وَنَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ شِهَابَانِ (٥) حَتَّى دَخَلَا جَوْفَهُ فَتَذَكَّرَ التَّوْرَاةَ فَجَدَّدَهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٦) .

فَمَنْ ثم قالت اليهود عزير ابن الله لِلَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ الشِّهَابَيْنِ وَتَجْدِيدِهِ التَّوْرَاةَ وَقِيَامِهِ بِأَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ جَدَّدَ لَهُمُ التَّوْرَاةَ بِأَرْضِ السَّوَادِ بِدَيْرِ حَزْقِيلَ.

وَالْقَرْيَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا يُقَالُ لَهَا سَايْرَابَاذَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) يعني لبني


(١) الخبر رواه الطبري في تاريخه ١ / ٢٨٩ وفيه أن الذي أماته الله أرميا وليس عزيرا.
(٢) الزمانة: العاهة.
(٣) عقال: قيد.
(٤) في الكامل لابن الاثير: مائة وثلاث عشرة سنة ; ١ / ٢٧٠.
(٥) في الطبري والكامل: بعث الله ملكاً في صورة إنسان، أتاه بإناء فيه ماء فسقاه من ذلك الاناء فتمثلت التوراة في صدره [عزير] .
(٦) زاد الطبري: فصاروا يعرفونها بحلالها وحرامها وسننها وفرائضها وحدودها ; وقامت التوراة بين أظهرهم وصلح بها أمرهم.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>