للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَقَعَتْ بِأَرْضٍ تَهَمَةٍ (١) .

فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ.

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا أَخْطَأْتَ مِنْهَا شَيْئًا يَا سَطِيحُ فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا، قَالَ: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشٍ لَتَهْبِطَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ (٢) .

فَلْيَمْلِكُنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إلى جرش (٣) فقال له الملك: يَا سَطِيحُ إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ أَفِي زَمَانِي أَمْ بَعْدَهُ.

فقال: لا وأبيك بَلْ بَعْدَهُ بِحِينٍ.

أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ أَوْ سَبْعَيْنَ.

يَمْضِينَ مِنَ السِّنِينَ قَالَ أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِمْ (٤) أَمْ يَنْقَطِعُ قَالَ بَلْ يَنْقَطِعُ لِبِضْعٍ وَسَبْعِينَ مِنَ السِّنِينَ ثُمَّ يُقْتَلُونَ (٥) وَيَخْرُجُونَ منها هاربين قال ومن بلى ذَلِكَ مِنْ قَتْلِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ قَالَ يَلِيَهُمْ إِرَمُ [بن] ذي يزن يخرج عليهم من عدن.

فلا يَتْرُكُ مِنْهُمْ أَحَدًا بِالْيَمَنِ.

قَالَ أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِ أَمْ يَنْقَطِعُ قَالَ بَلْ يَنْقَطِعُ قَالَ: وَمَنْ يَقْطَعُهُ، قَالَ: نَبِيٌّ زَكِيٌّ.

يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ قَالَ وَمِمَّنْ هَذَا النَّبِيُّ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ.

يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ.

قَالَ وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ قَالَ نَعَمْ يَوْمَ يُجْمَعُ فيه الأولون والآخرون.

يسعد فيه المحسنون ويشقى فِيهِ الْمُسِيئُونَ.

قَالَ أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي قَالَ نَعَمْ.

وَالشَّفَقِ وَالْغَسَقِ وَالْفَلَقِ إِذَا اتَّسَقَ إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقٌّ.

قَالَ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ شِقٌّ فَقَالَ لَهُ كَقَوْلِهِ لِسَطِيحٍ وَكَتَمَهُ مَا قَالَ سَطِيحٌ لِيَنْظُرَ أَيَتَّفِقَانِ أَمْ يَخْتَلِفَانِ قَالَ نَعَمْ رَأَيْتَ حُمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ.

فَوَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ وَأَكَمَةٍ.

فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذات نسمة.

[قال] (٦) : فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا وَأَنَّ قَوْلَهُمَا وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ سَطِيحًا قَالَ وَقَعَتْ بِأَرْضٍ تَهَمَةٍ فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ.

وَقَالَ شِقٌّ وَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ وَأَكَمَةٍ فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ نَسَمَةٍ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا أَخْطَأْتَ يَا شِقُّ مِنْهَا شَيْئًا فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا فَقَالَ أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ إِنْسَانٍ.

لَيَنْزِلَنَّ أَرْضِكُمُ السُّودَانُ فَلْيَغْلِبُنَّ عَلَى كُلِّ طَفْلَةِ (٧) الْبَنَانِ وَلِيَمْلِكُنَّ ما بين لين إلى نجران فقال له الملك وأبيك ياشق إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ أَفِي زَمَانِي.

أَمْ بَعْدَهُ قَالَ لَا بَلْ بَعْدَهُ بِزَمَانٍ.

ثُمَّ يَسْتَنْقِذُكُمْ مِنْهُمْ عَظِيمٌ ذُو شَانٍ.

وَيُذِيقُهُمْ أَشَدَّ الْهَوَانِ.

قَالَ وَمَنْ هذا العظيم


(١) تهمة: الارض المنخفضة المتصوبة نحو البحر ومنها سميت تهامة.
(٢) الحبش: يقال إنهم بنو حبش بن كومش بن حام بن نوح وبه سميت الحبشة.
(٣) أبين: بفتح أوله ويكسر، مخلاف باليمن منه عدن.
وفي معجم البلدان: أبين: موضع في جبل عدن.
جرش: بضم أوله وفتح ثانيه: من مخاليف اليمن من جهة مكة.
وفتحت جرش فِي زَمَنِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم سنة ١٠ هـ.
(٤) في الطبري وابن هشام: ملكهم بدل سلطانهم.
(٥) في الطبري: يقتلون بها أجمعون.
(٦) ما بين المعكوفين زيادة من ابن هشام.
(٧) طفلة: الناعمة الرخصة.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>