للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منهل. وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم يسقط (١) أنملة أنملة كلما سقطت أنملة اتبعتها منه مدة تمت (٢) قيحا ودما حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر. فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون.

قال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة (٣) أنه حدث أن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل، والحنظل والعشر (٤) ذلك العام.

قال ابن إسحاق: فلما بعث الله محمدا كان مما يعدد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله مارد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل. ألم يجعل كيدهم في تضليل. وأرسل عليهم طيرا أبابيل. ترميهم بحجارة من سجيل. فجعلهم كعصف مأكول) (٥).

ثم شرع ابن إسحاق وابن هشام يتكلمان على تفسير هذه السورة والتي بعدها وقد بسطنا القول في ذلك في كتابنا التفسير بما فيه كفاية إن شاء الله تعالى وله الحمد والمنة.

قال ابن هشام الأبابيل الجماعات ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه (٦). قال: وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب: الشديد الصلب (٧). قال: وزعم


(١) في الطبري: تسقط أنامله أنملة أنملة. وفي ابن الأثير، فسقطت أعضاؤه عضوا عضوا.
(٢) في الطبري وابن هشام: تمث بالثاء أي ترشح وتنزف.
(٣) هو يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي المدني كما في أخبار الأزرقي وكان فقيها عالما بالسيرة توفي عام ١٢٨ هـ.
(٤) الحرمل: شجر لا يأكله شئ سوى المعزى.
والعشر: شجر مر له صمغ ولبن وتعالج بلبنه الجلود قبل دباغتها.
وأما القول بأن الحصبة والجدري أول ما رؤيا في العرب بعد الفيل وأيضا العشر والحرمل والشجر فهذا مما لا ينبغي أن يعرض عليه ولا يعول عليه كثيرا فالأمراض والأشجار مذ خلق الله العالم، ومذ وجد الانسان على الأرض وقبل الفيل بدهور.
(٥) سورة الفيل
(٦) أبابيل: قال صاحب القاموس في " أبل ": فرق جمع بلا واحد. والإبالة القطعة من الطير أو المتتابعة منها. قال صاحب اللسان " أبل ": الأبابيل جماعة في تفرقة، واحدها إبيل وإبول. وزعم الرؤاسي أن واحدها إبالة.
(٧) قال صاحب اللسان: السجيل: حجارة كالمدر، ومن قرأ السجيل فهو الصلب الشديد.
وقال أبو عبيدة: تأويله كثيرة شديدة. وقال أبو إسحاق: سجيل من سجلت إذا أعطيت وعند الجوهري: حجارة طبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>