للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: هُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حُجْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُجْرٍ آكِلِ الْمُرَارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ مُرَتِّعِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ كِنْدَةَ.

أَبُو يَزِيدَ وَيُقَالَ أَبُو وَهْبٍ وَيُقَالُ أَبُو الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ.

كَانَ بِأَعْمَالِ دِمَشْقَ وَقَدْ ذَكَرَ مَوَاضِعَ مِنْهَا فِي شِعْرِهِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: قِفَا نَبْكِ من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ فتوضحَ فَالْمِقْرَاةِ لَمْ يعفُ رسمُها * لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ قَالَ وَهَذِهِ مَوَاضِعُ مَعْرُوفَةٌ بِحُورَانَ.

ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَفِيفِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.

قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم إِذْ أَقْبَلَ وَفْدٌ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَحْيَانَا اللَّهُ بِبَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ.

قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالُوا أَقْبَلْنَا نُرِيدُكَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أَخْطَأْنَا الطَّرِيقَ فَمَكَثْنَا ثَلَاثًا لَا نَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَتَفَرَّقْنَا إِلَى أُصُولِ طَلْحٍ وَسَمُرٍ لِيَمُوتَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فَبَيْنَا نَحْنُ بِآخِرِ رَمَقٍ إِذَا رَاكِبٌ يُوضِعُ عَلَى بَعِيرٍ فَلَمَّا رَآهُ بَعْضُنَا قَالَ وَالرَّاكِبُ يَسْمَعُ: وَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الشَّرِيعَةَ همُّها * وَأَنَّ البياض من فرائضها دامي (١) تيممتِ العين التي عند ضارج * يفئ عَلَيْهَا الظِّلُّ عَرْمَضُهَا طَامِي (٢) فَقَالَ الرَّاكِبُ: وَمَنْ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ وَقَدْ رَأَى مَا بِنَا مِنَ الْجَهْدِ؟ قَالَ قُلْنَا امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَ هَذَا ضَارِجٌ عِنْدَكُمْ فَنَظَرْنَا فَاذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ ذِرَاعًا فَحَبَوْنَا إِلَيْهِ عَلَى الرُّكَبِ فَاذَا هُوَ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ عَلَيْهِ العرمض يفئ عَلَيْهِ الظِّلُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذَاكَ رَجُلٌ مَذْكُورٌ فِي الدُّنْيَا مَنْسِيٌّ فِي الْآخِرَةِ، شَرِيفٌ فِي الدُّنْيَا خَامِلٌ فِي الْآخِرَةِ، بِيَدِهِ لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ يَقُودُهُمْ إِلَى النَّارِ " (٣) .

وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ: أَنَّ امْرَأَ الْقَيْسِ أَقْبَلَ بِرَايَاتِهِ يُرِيدُ قِتَالَ بَنِي أَسَدٍ حِينَ قَتَلُوا أَبَاهُ فَمَرَّ بِتَبَالَةَ (٤) وَبِهَا ذُو الْخَلَصَةِ وَهُوَ صَنَمٌ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَقْسِمُ عِنْدَهُ فَاسْتَقْسَمَ فَخَرَجَ الْقَدَحُ النَّاهِي ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ كَذَلِكَ فَكَسَرَ الْقِدَاحَ وَضَرَبَ بِهَا وَجْهَ ذِي الْخَلَصَةِ وَقَالَ عَضَضْتَ بِأَيْرِ أَبِيكَ لَوْ كَانَ أَبُوكَ الْمَقْتُولُ لَمَا عَوَّقْتَنِي.

ثُمَّ أَغَارَ عَلَى بَنِي أَسَدٍ فَقَتَلَهُمْ قَتْلًا ذَرِيعًا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: فَلَمْ يُسْتَقْسَمْ عِنْدَ ذِي الْخَلَصَةِ حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ امْتَدَحَ قَيْصَرَ مَلِكَ الرُّوم يستنجده في بعض


(١) الشريعة: مشرعة الماء.
(٢) ضارج: موضع ببلاد عبس.
(٣) القصة في الشعر والشعراء ١ / ٥٨ وما بعدها وعيون الاخبار ١ / ١٤٣ - ١٤٤ والاغاني ٧ / ١٢٣.
(٤) تبالة: موضع ببلاد اليمن بينها وبين مكة ٥٢ فرسخا ومعجم البلدان ٢ / ١٠.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>