للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الكلبي قال بينا أمية راقد ومعه ابنتان له إذ فزعت إحداهما فصاحت عليه فقال لها ما شأنك قالت رأيت نسرين كشطا سقف البيت فنزل أحدهما إليك فشق بطنك والآخر واقف على ظهر البيت فناداه فقال أوعى قال نعم قال أزكى قال لا فقال ذاك خير أريد بأبيكما فلم يفعله وقد روى من وجه آخر بسياق آخر فقال إسحاق بن بشر عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعثمان بن عبد الرحمن عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال قدمت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول الله بعد فتح مكة وكانت ذات لب وعقل وجمال وكان رسول الله بها معجبا فقال لها ذات يوم يا فارعة هل تحفظين من شعر أخيك شيئا فقالت نعم وأعجب من ذلك ما قد رأيت قالت كان أخي في سفر فلما انصرف بدأني فدخل علي فرقد على سريري وأنا أحلق أديما في يدي إذ أقبل طائران أبيضان أو كالطيرين أبيضين فوقع على الكوة أحدهما ودخل الآخر فوقع عليه فشق الواقع عليه ما بين قصه إلى عانته ثم أدخل يده في جوفه فأخرجه قلبه فوضعه في كفه ثم شمه فقال له الطائر الآخر أوعى قال وعى قال أزكى قال أبي ثم رد القلب إلى مكانه فالتأم الجرح أسرع من طرفة عين ثم ذهبا فلما رأيت ذلك دنوت منه فحركته فقلت هل تجد شيئا. قال: لا إلا توهينا في جسدي - وقد كنت ارتعبت مما رأيت - فقال مالي أراكي مرتاعة. قالت فأخبرته الخبر فقال خير أريد بي ثم صرف عني ثم أنشأ يقول:

باتت همومي تسري طوارقها … اكف عيني والدمع سابقها

ما أتاني من اليقين ولم … أوت براة يقص ناطقها

أم من تلظى عليه واقدة … النار محيط بهم سرادقها

أم أسكن الجنة التي وعد … الأبرار مصفوفة نمارقها

لا يستوي المنزلان ثم ولا … الأعمال لا تستوي طرائقها

هما فريقان فرقة تدخل الجنة … حفت بهم حدائقها

وفرقة منهم قد أدخلت … النار فساءتهم مرافقها

تعاهدت هذه القلوب إذا … همت بخير عاقت عوائقها

وصدها للشقاء عن طلب … الجنة دينا الله ما حقها

عبد دعا نفسه فعاتبها … يعلم أن البصير رامقها

ما رغب النفس في الحياة وان … تحيى قليلا فالموت لاحقها

يوشك من فر من منيته … يوما على غرة يوافقها

إن لم تمت غبطة تمت هرما … للموت كأس والمرء ذائقها

قال ثم انصرف إلى رحله فلم يلبث إلا يسيرا حتى طعن في حيارته فأتاني الخبر فانصرفت إليه فوجدته منعوشا قد سجى عليه فدنوت منه فشهق شهقة وشق بصره ونظر نحو السقف ورفع صوته. وقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، لا ذو مال فيفديني ولا ذو أهل فتحميني. ثم أغمي

<<  <  ج: ص:  >  >>