للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف. قالت حليمة فاحتملناه فلم ترع أمه إلا به. فقدمنا به عليها فقالت ما ردكما به يا ظئر؟ فقد كنتما عليه حريصين؟ فقالا لا والله إلا أن الله قد أدى عنا، وقضينا الذي علينا، وقلنا نخشى الاتلاف والاحداث نرده إلى أهله. فقالت ما ذاك بكما فاصدقاني شأنكما؟ فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره، فقالت أخشيتما عليه الشيطان، كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل. والله إنه لكائن لابني هذا شأن ألا أخبركما خبره؟ قلنا بلى! قالت حملت به فما حملت حملا قط أخف [علي] منه فأريت في النوم حين حملت به كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام ثم وقع حين ولدته وقوعا ما يقعه المولود، معتمدا على يديه رافعا رأسه إلى السماء، فدعاه عنكما. وهذا الحديث قد روي من طرق أخر وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل السير والمغازي (١).

وقال الواقدي: حدثني معاذ بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال خرجت حليمة تطلب النبي وقد وجدت البهم تقيل فوجدته مع أخته فقالت في هذا الحر؟ فقالت أخته يا أمه ما وجد أخي حرا. رأيت غمامة تظلل عليه إذا وقف وقفت وإذا سار سارت حتى انتهى إلى هذا الموضع.

وقال ابن إسحاق: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا له أخبرنا عن نفسك. قال: " نعم أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى [أخي] عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، واسترضعت في بني سعد بن بكر، فبينا أنا [مع أخ لي] في بهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بيض معهما طست من ذهب مملوء ثلجا، فأضجاني فشقا بطني، ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها. ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج، حتى إذا ألقياه (٢) رداه كما كان، ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني بعشرة فوزنتهم، ثم قال زنه بمائة من أمته فوزنني بمائة فوزنتهم. ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بألف فوزنتهم، فقال دعه عنك، فلو وزنته بأمته لوزنهم " وهذا إسناد جيد قوي (٣).


(١) ورد حادث شق الصدر في كتب السيرة، فقد رواه ابن هشام في السيرة (١/ ١٧٦) طبقات ابن سعد (١/ ١١٢) دلائل النبوة لأبي نعيم (١/ ١١١) دلائل النبوة للبيهقي ١/ ١٣٥ - ١٣٦ الخصائص الكبرى للسيوطي (١/ ٥٤).
وقد أشار له أصحاب التفاسير في تفسير قوله ﷿ (ألم نشرح لك صدرك).
وفي الأحاديث أن حادثة شق الصدر هذه تكررت; لما أصبح عمره عشر سنين، ولما جاوز الخمسين من عمره (راجع أحمد - ابن حبان - ابن عساكر - مسلم - الحاكم).
(٢) في الطبري وابن هشام: أنقياه.
(٣) أخرجه البيهقي في الدلائل ج ١/ ١٤٦ والطبري ج ١/ ١٢٨ والحاكم في المستدرك ٢/ ٦٠٠ وقال: صحيح. الاسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وهو في السيرة ١/ ١٧٧ وما بين معقوفين في الحديث زيادة من ابن هشام والطبري. ثور بن يزيد الكلاعي أبو خالد الحمصي أحد الحفاظ العلماء مات سنة ١٥٣ هـ وقيل سنة ١٥٥ هـ. وخالد بن معدان بن أبي كريب الكلاعي أبو عبد الله الشامي الحمصي توفي سنة ١٠٣ وقيل غير ذلك. (تراجم الرجال - تهذيب التهذيب).

<<  <  ج: ص:  >  >>