عُقْبَةَ الْكَاهِنُ الْآخَرُ وُلِدَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فحملا إلى الكاهنة طريفة بنت الحسين الحميدية فَتَفَلَتْ فِي أَفْوَاهِهِمَا فَوَرِثَا مِنْهَا الْكِهَانَةَ وَمَاتَتْ مِنْ يَوْمِهَا.
وَكَانَ نِصْفَ إِنْسَانٍ وَيُقَالَ إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ مِنْ سُلَالَتِهِ، وَقَدْ مَاتَ شِقٌّ قَبْلَ سَطِيحٍ بِدَهْرٍ.
وَأَمَّا عَبْدُ الْمَسِيحِ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ حبان بن نفيلة الْغَسَّانِيُّ النَّصْرَانِيُّ فَكَانَ مِنِ الْمُعَمَّرِينَ وَقَدْ تَرْجَمَهُ الحافظ ابن عساكر في تاريخ وَقَالَ هُوَ الَّذِي صَالَحَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ على.
وَذَكَرَ لَهُ مَعَهُ قِصَّةً طَوِيلَةً وَأَنَّهُ أَكَلَ مِنْ يَدِهِ سُمَّ سَاعَةٍ فَلَمْ يُصِبْهُ سُوءٌ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَهُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ رَبِّ الْأَرْضِ والسَّماء الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ أَذًى.
ثُمَّ أَكَلَهُ فَعَلَتْهُ غَشْيَةٌ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ عَرِقَ وَأَفَاقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَكَرَ لِعَبْدِ الْمَسِيحِ أَشْعَارًا غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن شريك عن شعيب بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
قَالَ: كَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ رَاهِبٌ مِنَ الرُّهْبَانِ يُدْعَى عِيصًا مِنْ أَهْلِ الشَّام وَكَانَ مُتَخَفِّرًا بِالْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَكَانَ اللَّهُ قَدْ آتَاهُ عِلْمًا كَثِيرًا وَجَعَلَ فِيهِ مَنَافِعَ كَثِيرَةً لِأَهْلِ مَكَّةَ مِنْ طِيبٍ وَرِفْقٍ وَعِلْمٍ.
وَكَانَ يَلْزَمُ صَوْمَعَةً لَهُ وَيَدْخُلُ مَكَّةَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَيَلْقَى النَّاسَ وَيَقُولُ إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يُولَدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ يَا أَهْلَ مَكَّةَ يَدِينُ لَهُ الْعَرَبُ وَيَمْلِكُ الْعَجَمَ هَذَا زَمَانُهُ وَمَنْ أَدْرَكَهُ وَاتَّبَعَهُ أَصَابَ حَاجَتَهُ وَمَنْ أدركه فخالفه أخطأ حاجته وبالله مَا تَرَكْتُ أَرْضَ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ وَالْأَمْنِ وَلَا حَلَلْتُ بِأَرْضِ الْجُوعِ وَالْبُؤْسِ وَالْخَوْفِ إِلَّا فِي طَلَبِهِ وَكَانَ لَا يُولَدُ بِمَكَّةَ مَوْلُودٌ إِلَّا يَسْأَلُ عَنْهُ فَيَقُولُ مَا جَاءَ بَعْدُ.
فَيُقَالَ لَهُ فَصِفْهُ فَيَقُولُ لَا.
وَيَكْتُمُ ذَلِكَ لِلَّذِي قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَاقٍ مِنْ قَوْمِهِ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيَةً إِلَى أَدْنَى مَا يَكُونُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَذَى يَوْمًا.
وَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةُ الْيَوْمِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى عِيصًا فَوَقَفَ فِي أَصْلِ صَوْمَعَتِهِ ثُمَّ نَادَى: يا عيصاه.
فَنَادَاهُ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ كُنْ أَبَاهُ فَقَدْ وُلِدَ الْمَوْلُودُ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيُبْعَثُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَمُوتُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ وُلِدَ لِي مَعَ الصُّبْحِ مَوْلُودٌ.
قَالَ فَمَا سَمَّيْتَهُ؟ قَالَ مُحَمَّدًا قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنَّ يَكُونَ هَذَا الْمَوْلُودُ فِيكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ لِثَلَاثِ خِصَالٍ نَعْرِفُهُ بِهَا مِنْهَا أَنَّ نَجْمَهُ طَلَعَ الْبَارِحَةَ وَأَنَّهُ وُلِدَ الْيَوْمَ وَأَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ.
انْطَلِقْ إِلَيْهِ فَإِنَّ الذي كنت أخبركم عَنْهُ ابْنُكَ.
قَالَ فَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ ابْنِي وَلَعَلَّهُ أَنْ يُولَدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَوْلُودٌ غَيْرُهُ؟ قَالَ قَدْ وَافَقَ ابْنُكَ الِاسْمَ وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُشَبِّهَ عِلْمَهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ.
وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْآنَ وَجِعٌ فَيَشْتَكِي أياماً ثلاثة، فيظهر بِهِ الْجُوعُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُعَافَى.
فَاحْفَظْ لِسَانَكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُحْسَدْ أَحَدٌ حَسَدَهُ قَطُّ وَلَمْ يُبْغَ عَلَى أَحَدٍ كَمَا يُبْغَى عَلَيْهِ.
إِنْ تَعِشْ حَتَّى يَبْدُوَ مَقَالُهُ ثُمَّ يَدْعُوَ لَظَهَرَ لَكَ مِنْ قَوْمِكَ مَا لَا تَحْتَمِلُهُ إِلَّا على صبر وعلى ذلك فَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَدَارِ عَنْهُ قَالَ فَمَا عُمُرُهُ؟ قال إن طال عمره وإن قَصُرَ لَمْ يَبْلُغِ السَّبْعِينَ، يَمُوتُ فِي وِتْرٍ دُونَهَا مِنَ السِّتِّينَ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ فِي أَعْمَارِ جُلِّ أُمَّتِهِ.
قَالَ