للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله . فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا، هذا محمد. فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال رسول الله : " هلموا إلي ثوبا " فأتى به، وأخذ الركن فوضعه فيه بيده، ثم قال: " لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب (١). ثم ارفعوه جميعا " ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده . ثم بنى عليه. وكانت قريش تسمي رسول الله الأمين.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد حدثنا ثابت - يعني أبا يزيد - حدثنا هلال يعني ابن حبان عن مجاهد عن مولاه - وهو السائب بن عبد الله - أنه حدثه أنه كان فيمن بنى الكعبة في الجاهلية قال: وكان لي حجر - أنا نحته أعبده من دون الله - قال: وكنت أجئ باللبن الخاثر الذي آنفه على نفسي فأصبه عليه فيجئ الكلب فيلحسه ثم يشغر فيبول عليه قال: فبنينا حتى بلغنا موضع الحجر ولا يرى الحجر أحد. فإذا هو وسط أحجارنا مثل رأس الرجل يكاد يترايا منه وجه الرجل. فقال بطن من قريش: نحن نضعه وقال آخرون نحن نضعه فقالوا اجعلوا بينكم حكما. فقالوا أول رجل يطلع من الفج. فجاء رسول الله فقالوا أتاكم الأمين. فقالوا له فوضعه في ثوب. ثم دعا بطونهم فرفعوا نواحيه فوضعه هو .

قال ابن إسحاق: وكانت الكعبة على عهد النبي ثماني عشرة ذراعا وكانت تكسى القباطي. ثم كسيت بعد البرور (٢). وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف (٣).

قلت: وقد كانوا أخرجوا منها الحجر - وهو ستة أذرع أو سبعة أذرع من ناحية الشام - قصرت بهم النفقة أي لم يتمكنوا أن يبنوه على قواعد إبراهيم. وجعلوا للكعبة بابا واحدا من ناحية


(١) أي بزاوية من زواياه فكان عتبة بن ربيعة في ربع عبد مناف، وفي الربع الثاني: أبي زمعة بن الأسود، وفي الثالث العاص بن وائل (في الطبقات: قيس بن عدي)، وفي الرابع أبو حذيفة بن المغيرة.
(٢) كذا في الأصل، وفي السيرة والأزرقي البرود: وهي ثياب يمنية.
والقباطي: جمع قبطية بالضم وهو ثوب من ثياب مصر رقيق أبيض.
(٣) الديباج: معربة وهي القماش المنقوش.
وفيمن كساها الديباج: روى الفاكهي من طريق مسعر عن جسرة: أن خالد بن جعفر بن كلاب أول من كسا الكعبة الديباج في الجاهلية. وعن الدارقطني في المؤتلف: أن نتيلة بنت حيان والدة العباس بن عبد المطلب كست الكعبة الديباج.
وقال ابن حجر: وحصلنا في أول من كساها الديباج على ستة أقوال: ١ - خالد - ٢ - نتيلة - معاوية - يزيد - ابن الزبير - الحجاج.
قال: كسوة خالد ونتيلة لم تشملها كلها. وأما معاوية فلعله كساها في آخر خلافته فصادف ذلك خلافة ابنه يزيد. وأما ابن الزبير فلعله كساها بعد تجديد بنائها لكن لم يداوم على كسوتها الديباج. وأما الحجاج فكساها بأمر عبد الملك واستمر على ذلك، فلعله أول من داوم على كسوتها في كل سنة. (الروض الأنف أخبار مكة).

<<  <  ج: ص:  >  >>