للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإبلاسها، وإياسها من دينها، وَلُحُوقَهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ (١) : هَذَا الْكَلَامُ سَجْعٌ لَيْسَ بِشِعْرٍ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ: فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ يُحَدِّثُ النَّاسَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَعِنْدَ وَثَنٍ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ ذَبَحَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ عِجْلًا، فَنَحْنُ نَنْتَظِرُ قَسْمَهُ أَنْ يَقْسِمَ لَنَا مِنْهُ، إِذْ سَمِعْتُ مَنْ جَوْفِ الْعِجْلَ صَوْتًا مَا سَمِعْتُ صَوْتًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِشَهْرٍ أَوْ شَيْعِهِ يَقُولُ: يَا ذَرِيحُ أَمْرٌ نَجِيحٌ رَجُلٌ يَصِيحُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَيُقَالَ رَجُلٌ يَصِيحُ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَإِبْلَاسِهَا * وشدِها العيسَ بأحلاسِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ، تَبْغِي الهُدى * مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حُجْرِ بْنِ النُّعْمَانِ الشَّامِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ الْأَنْبَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ (٢) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ.

قَالَ بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ.

فَقِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَعْرِفُ هَذَا الْمَارَّ؟ قَالَ وَمَنْ هَذَا؟ قَالُوا هَذَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الَّذِي أَتَاهُ رَئِيُّهُ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ.

فَقَالَ لَهُ أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ قَالَ نَعَمْ.

قَالَ فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ؟ قَالَ فَغَضِبَ.

وَقَالَ مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِمَّا كُنْتَ عليه من كهانتك، فأخبرني ما أنبأك رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي رَئِيِّي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ، وَاسْمَعْ مَقَالَتِي وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: عجبتُ لِلْجِنِّ وتَطلابهَا * وشدِهَا العيسَ بأقتابهَا

تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الهُدى * مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصفوة من هاشم * ليسَ قدامَها كأذنابهَا قَالَ قُلْتُ دَعْنِي أَنَامُ فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا.

قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ وَاسْمَعْ مَقَالَتِي، وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يقول:


(١) في سيرة ابن هشام: قال ابن هشام.
(٢) في دلائل البيهقي: أبو عبد الرحمن الوقاصي ; ولم أجد ترجمة لمحمد، إنما ذكر عثمان في التقريب، والوقاصي نسبة لسعد بن أبي وقاص.
وفي نسخة للدلائل: ابن عبد الرحمن الوقاصي دون ذكر اسمه.
وفي رواية أخرى للبيهقي: عثمان بن عبد الرحمن.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>