للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عجبت للجن وتحيارها (١) * وشدَّها العيسَ بأكوارِها تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الهُدى * مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ * بَيْنَ رَوَابِيهَا وَأَحْجَارِهَا قَالَ قُلْتُ دَعْنِي أَنَامُ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ.

وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ، فَاسْمَعْ مَقَالَتِي، وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَحْسَاسِهَا * وشدِها العيسَ بأحلاسِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الهُدى * مَا خَيِّرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هاشمٍ * واسمُ بعينيكَ إِلَى رَأْسِهَا قَالَ فَقُمْتُ وَقُلْتُ: قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبِي،، فَرَحَّلْتُ نَاقَتِي ثُمَّ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ - يَعْنِي مَكَّةَ - فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي أَصْحَابِهِ فَدَنَوْتُ فَقُلْتُ: اسْمَعْ مقالتي يارسول اللَّهِ.

قَالَ هَاتِ فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ: أَتَانِي نَجِيِّي بَعْدَ هَدْءٍ وَرَقْدَةٍ * وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ تلوث بِكَاذِبِ (٢)

ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ * أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ فَشَمَّرْتُ عَنْ ذيلي الإزار ووسطت * بي الدعلب الْوَجْنَاءُ غُبْرَ السَّبَاسِبِ (٣) فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا شئ غَيْرُهُ * وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَالِبِ (٤) وَأَنَّكَ أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا بن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك ياخير مَنْ مَشَى * وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ * سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ (٥) قَالَ فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِمَقَالَتِي فَرَحًا شَدِيدًا، حَتَّى رُئِيَ الْفَرَحُ فِي وُجُوهِهِمْ.

قَالَ فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَالْتَزَمَهُ وَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْكَ فَهَلْ يَأْتِيكَ رَئِيُّكَ الْيَوْمَ؟ قَالَ أَمَّا مُنْذُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَلَا، وَنِعْمَ الْعِوَضُ كِتَابُ اللَّهِ مِنَ الْجِنِّ.

ثم قال


(١) في دلائل البيهقي: وتخبارها.
(٢) في الدلائل ورد البيت: أتاني رئي بعد ليل وهجعة * ولم يك فيما قد بلوت بكاذب (٣) في البيهقي: فشمرت عن ذيلي الإزار ووسطت * بي الدعلب الوجناء غبر السباسب (٤) في البيهقي: على كل غايب.
(٥) ورد في سبل الهدى: وكن لي شفيعاً حين لا ذو قرابة * بمغن فتيلا عن سواد بن قارب [*]

<<  <  ج: ص:  >  >>