للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُنْثَى زَوْجَهَا.

تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَارِثٍ عَنْ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ به * وفي كتاب التوارة الَّتِي بَيْنَ أَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ الَّذِي دَلَّ حَوَّاءَ عَلَى الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ هِيَ الْحَيَّةُ وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ الْأَشْكَالِ وَأَعْظَمِهَا فَأَكَلَتْ حَوَّاءُ عَنْ قَوْلِهَا وَأَطْعَمَتْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ لِإِبْلِيسَ فَعِنْدَ ذَلِكَ انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ فَوَصَلَا مِنْ وَرَقِ التين وعملا ميازر وفيها أنهما كان عُرْيَانَيْنِ * وَكَذَا قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ كَانَ لِبَاسُهُمَا

نُورًا عَلَى فَرْجِهِ وَفَرْجِهَا.

وَهَذَا الَّذِي فِي هَذِهِ التَّوراة الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ غَلَطٌ مِنْهُمْ وَتَحْرِيفٌ وَخَطَأٌ فِي التَّعْرِيبِ فَإِنَّ نَقْلَ الْكَلَامِ مِنْ لُغَةٍ إِلَى لُغَةٍ لَا يَكَادُ يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ أَحَدٍ وَلَا سِيَّمَا مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ كَلَامَ الْعَرَبِ جَيِّدًا وَلَا يُحِيطُ عِلْمًا بِفَهْمِ كِتَابِهِ أَيْضًا فَلِهَذَا وَقَعَ فِي تَعْرِيبِهِمْ لَهَا خَطَأٌ كَثِيرٌ لَفْظًا وَمَعْنَى * وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِمَا لِبَاسٌ فِي قوله (ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما) فَهَذَا لَا يَرُدُّ لِغَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن اسكاب حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ رَجُلًا طِوَالًا كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ فَلَمَّا ذَاقَ الشَّجَرَةَ سَقَطَ عَنْهُ لِبَاسُهُ فَأَوَّلُ مَا بَدَا مِنْهُ عَوْرَتُهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عَوْرَتِهِ جَعَلَ يَشْتَدُّ فِي الْجَنَّةِ فأخذت شعره شجرة فنازعها فناداه الرحمن عزوجل يَا آدَمُ مِنِّي تَفِرُّ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَ الرَّحْمَنِ قَالَ يَا رَبِّ لَا وَلَكِنِ اسْتِحْيَاءً * وقال الثوري عن أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا من ورق الجنة) وورق التِّينِ (١) * وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ فَلَا يَضُرُّ وَاللَّهُ تعالى أعلم.

وروى الحافظ بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَبَاكُمْ آدَمَ كان كالنخلة السحوق ستين ذراعا كثيرا لشعر مُوَارَى الْعَوْرَةِ فَلَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ فِي الْجَنَّةِ بدت له سوأته فَخَرَجَ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَقِيَتْهُ شَجَرَةٌ فَأَخَذَتْ بِنَاصِيَتِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ أَفِرَارًا مِنِّي يَا آدَمُ قَالَ: بَلْ حَيَاءً مِنْكَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مِمَّا جِئْتُ بِهِ " * ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الحسن عن يحيى بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ.

وَهَذَا أَصَحُّ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يُدْرِكْ أُبَيًّا * ثُمَّ أَوْرَدَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ خَيْثَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الاطرابلسي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبِي قِرْصَافَةَ العسقلاني عن آدم بن أبي


(١) جاء في تفسير القرطبي ج ٧ / ١٨١ قال: ويروى إنَّ آدم عليه السلام لما بدت سوأته وظهرت عورته طاف على
أشجار الجنة يسل منها ورقة يغطي بها عورته فزجرته أشجار الجنة حتى رحمته شجرة التين فأعطته ورقة.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>