للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطان، حدثنا أبو الأزهر: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا محمد بن عمر (١) عن محمد بن المنكدر عن ربيعة الديلي. قال: رأيت رسول الله بذي المجاز يتبع الناس في منازلهم يدعوهم إلى الله، ووراءه رجل أحول تقد وجنتاه وهو يقول: أيها الناس لا يغرنكم هذا عن دينكم ودين آبائكم. قلت من هذا؟ قيل هذا أبو لهب. ثم رواه من طريق شعبة عن الأشعث بن سليم عن رجل من كنانة قال: رأيت رسول الله بسوق ذي المجاز وهو يقول: " يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " وإذا رجل خلفه يسفي عليه التراب، وإذا هو أبو جهل، وإذا هو يقول: يا أيها الناس لا يغرنكم هذا عن دينكم فإنما يريد أن تتركوا عبادة اللات والعزى (٢). كذا قال أبو جهل، والظاهر أنه أبو لهب، وسنذكر بقية ترجمته عند ذكر وفاته وذلك بعد وقعة بدر إن شاء الله تعالى.

وأما أبو طالب فكان في غاية الشفقة والحنو الطبيعي كما سيظهر من صنائعه، وسجاياه، واعتماده فيما يحامي به عن رسول الله وأصحابه . قال يونس بن بكير عن طلحة بن يحيى بن (٣) عبد الله عن موسى بن طلحة، أخبرني عقيل بن أبي طالب. قال: جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا. فقال: يا عقيل انطلق فأتني بمحمد، فانطلقت إليه فاستخرجته من كنس (٤) - أو قال خنس - يقول بيت صغير، فجاء به في الظهيرة في شدة الحر، فلما أتاهم قال إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم فحلق رسول الله ببصره إلى السماء. فقال: " ترون هذه الشمس؟ " قالوا نعم! قال: " فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشتعل (٥) منه بشعلة ". فقال أبو طالب: والله ما كذب ابن أخي قط فارجعوا. رواه البخاري في التاريخ عن محمد بن العلاء عن يونس بن بكير. ورواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عنه به - وهذا لفظه (٦) -. ثم روى البيهقي من طريق يونس عن ابن إسحاق حدثني يعقوب بن


(١) في الدلائل: عمرو.
(٢) الخبران في الدلائل ج ٢/ ١٨٥ - ١٨٦ وفي مسند أحمد ج ٣/ ٤٩٢.
(٣) في الأصل ونسخ البداية المطبوعة: عن عبد الله بن موسى، والصواب ما أثبتناه من دلائل البيهقي: بن عبد الله، عن موسى.
(٤) في الدلائل: كبس أو قال من حفش، والكبس: الكن يأوي إليه الانسان.
(٥) في البخاري: تشعلوا وفي الدلائل: تستشعلوا.
(٦) رواه البيهقي في الدلائل ٢/ ١٨٦ - ١٨٧ والبخاري في التاريخ الكبير (٤/ ١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>