للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول هو ابن الله. فقال النجاشي - ووضع يده على صدره على قبائه -: وهو يشهد أن عيسى بن مريم لم يزد على هذا، وإنما يعني على ما كتب، فرضوا وانصرفوا. فبلغ رسول الله فلما مات النجاشي صلى عليه واستغفر له. وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة : أن رسول الله نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات (١). وقال البخاري: موت النجاشي: حدثنا أبو الربيع حدثنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر. قال قال رسول الله حين مات النجاشي - مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة. (٢). وروى ذلك من حديث أنس بن مالك وابن مسعود وغير واحد وفي بعض الروايات تسميته أصحمة، وفي رواية مصحمة وهو أصحمة بن بحر (٣) وكان عبدا صالحا لبيبا زكيا وكان عادلا عالما وأرضاه. وقال يونس عن ابن إسحاق اسم النجاشي مصحمة وفي نسخة صححها البيهقي أصحم وهو بالعربية عطية قال وإنما النجاشي اسم الملك: كقولك كسرى، هرقل.

قلت: كذا ولعله يريد به قيصر فإنه علم لكل من ملك الشام مع الجزيرة من بلاد الروم، وكسرى علم على من ملك الفرس، وفرعون علم لمن ملك مصر كافة، والمقوقس لمن ملك الإسكندرية وتبع لمن ملك اليمن والشحر، والنجاشي لمن ملك الحبشة وبطليموس لمن ملك اليونان وقيل الهند وخاقان لمن ملك الترك. وقال بعض العلماء إنما صلى عليه لأنه كان يكتم إيمانه من قومه فلم يكن عنده يوم مات من يصلي عليه فلهذا صلى عليه . قالوا: فالغايب إن كان قد صلي عليه ببلده لا تشرع الصلاة عليه ببلد أخرى؟ ولهذا لم يصل النبي في غير المدينة، لا أهل مكة ولا غيرهم وهكذا أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة لم ينقل أنه صلى على أحد منهم في غير البلدة التي صلى عليه فيها فالله أعلم.

قلت: وشهود أبي هريرة الصلاة على النجاشي، دليل على أنه إنما مات بعد فتح خيبر التي قدم بقية المهاجرين إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب يوم فتح خيبر ولهذا روى أن النبي قال: " والله ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر بن أبي طالب " وقدموا معهم بهدايا وتحف من عند النجاشي إلى النبي وصحبتهم أهل السفينة اليمنية أصحاب أبي موسى الأشعري وقومه من الأشعريين ، ومع جعفر


(١) أخرجه البخاري في ٢٣ كتاب الجنائز (٤) باب ومسلم في ١١ كتاب الجنائز ٢٢ باب ح ٦٢ ومالك في الموطأ في كتاب الجنائز.
(٢) المصدر السابق: وكان موت النجاشي في رجب من سنة تسع ونعاه رسول الله، وصلى عليه بالبقيع.
(٣) في الأصل أصحمة بن أبجر، وأثبتنا ما في القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>