للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا ويلتنا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فلانا خليلا) [الْفَرْقَانِ: ٢٧ - ٢٨] وَالَّتِي بَعْدَهَا.

قَالَ وَمَشَى أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ بِعَظْمٍ بَالٍ قَدْ

أَرَمَّ (١) .

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ هَذَا بَعْدَ مَا أَرَمَّ، ثُمَّ فَتَّهُ بِيَدِهِ ثُمَّ نَفَخَهُ فِي الرِّيحِ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ: نَعَمْ! أَنَا أَقُولُ ذلك، يبعثه الله وإياك بعدما تَكُونَانِ هَكَذَا ثُمَّ يُدْخِلُكَ النَّارَ.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس: ٧٨ - ٧٩] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.

قَالَ وَاعْتَرَضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي وَهُوَ يَطُوفُ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ - الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، والعاص بن وائل [وكانوا ذوي أسنان في قومهم] (٢) .

فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ، وَتَعْبُدْ مَا نَعْبُدُ، فَنَشْتَرِكُ نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الْأَمْرِ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) إِلَى آخِرِهَا.

وَلَمَّا سَمِعَ أَبُو جَهْلٍ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ.

قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الزَّقُّومُ؟ هُوَ تَمُرُّ يُضْرَبُ بِالزُّبْدِ ثمَّ قَالَ هَلُمُّوا فَلْنَتَزَقَّمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ) [الدُّخَانِ: ٤٣ - ٤٤] قَالَ: وَوَقَفَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فكلَّم رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورسول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُهُ وَقَدْ طَمِعَ فِي إِسْلَامِهِ فَمَرَّ بِهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ (٣) - عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْكَثَةَ - الْأَعْمَى فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يَسْتَقْرِئُهُ الْقُرْآنَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى أَضْجَرَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ شَغَلَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْوَلِيدِ، وَمَا طَمِعَ فِيهِ مِنْ إِسْلَامِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ انْصَرَفَ عَنْهُ عَابِسًا، وَتَرَكَهُ (٤) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى أن جاءه الأعمى) إلى قوله: (مرفوعة مطهرة) وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فَاللَّهُ أعلم (٥) .


(١) أرم: بلى.
(٢) ما بين معقوفتين من ابن هشام.
(٣) وكان اسمه عبد الله وقيل عمرو.
(٤) الخبر في سيرة ابن هشام ج ١ / ٣٨٩ وما بعدها.
(٥) ذكر البيهقي مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُسْتَهْزِئُونَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ أَبُو زَمْعَةَ والحارث بن عنطلة السهمي والعاص بن وائل.
- فالاسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة، ابن خَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ البلاذري عنه: " كان إذا رأى المسلمين قال لاصحابه: قد جاءكم ملوك الارض الذين يرثون ملك كسرى وقيصر، ويقول للنبي صلى الله عليه وسلَّم: أما كلمت اليوم من السماء يا محمد.
- أما الْأَسْوَدِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى فكان هو وأصحابه يتغامزون بالنَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه، وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام شق عليه فدعا عليه أن يعمي الله بصره ويثكله ولده.
- الحارث بن قيس السهمي ابن العنطلة: نسب إلى أمه، نزل فيه في قول: " أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ الهه هواه " لانه كان يعبد حجرا فإذا رأى حجرا أحسن منه تركه وأخذ الاحسن.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>