للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد مناف لامه، وكان هشام لبني هاشم واصلا، وكان ذا شرف في قومه، فكان - فيما بلغني - يأتي بالبعير، وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلا قد أوقره طعاما، حتى إذا بلغ به فم الشعب خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبيه، فدخل الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا (١) فيفعل به مثل ذلك، ثم إنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر (٢) بن مخزوم وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب. فقال: يا زهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟ أما إني أحلف بالله لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدا. قال: ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها [حتى أنقضها]. قال قد وجدت رجلا، قال من هو؟ قال: أنا قال له زهير: أبغنا ثالثا، فذهب إلى المطعم بن عدي فقال له: يا مطعم، أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه، أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا، قال: ويحك فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، قال قد وجدت لك ثانيا. قال من؟ قال أنا، قال أبغنا ثالثا قال قد فعلت. قال من هو؟ قال زهير بن أبي أمية. قال أبغنا رابعا، فذهب إلى أبي البختري بن هشام، فقال [له] نحو ما قال للمطعم بن عدي، فقال وهل تجد أحدا يعين على هذا؟ قال نعم! قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك. قال ابغنا خامسا. فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلمه، وذكر له قرابتهم وحقهم، فقال له: وهل على هذا الامر الذي تدعوني إليه من أحد؟ قال: نعم ثم سمى القوم. فاتعدوا خطم الحجون (٣) ليلا بأعلا مكة فاجتمعوا هنالك، وأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها. وقال زهير: أنا أبدؤكم، فأكون أول من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة فطاف بالبيت سبعا ثم أقبل على الناس. فقال: يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة. قال أبو جهل - وكان في ناحية المسجد - والله لا تشق. قال: زمعة بن الأسود أنت والله أكذب، ما رضينا كتابها حين كتبت. قال أبو البختري: صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به. قال المطعم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، ومما كتب فيها. قال هشام بن عمرو نحوا من ذلك. قال أبو جهل: هذا أمر قد قضي بليل، تشور فيه بغير هذا المكان، [قال]: وأبو طالب جالس في ناحية المسجد وقام


(١) من ابن هشام، وفي الأصل وبعض نسخ ابن هشام " برا " وقال السهيلي: بزا بالزاي.
(٢) من ابن هشام، وفي الأصل عمرو وهو تحريف.
(٣) من ابن هشام وفي الأصل حطم، والحجون: موضع بأعلى مكة، وخطمه: مقدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>