للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا " باسمك اللهم "، وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة (١). فشلت يده فيما يزعمون.

قال ابن هشام: وذكر بعض أهل العلم: أن رسول الله قال لأبي طالب: " يا عم إن الله قد سلط الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منها الظلم والقطيعة والبهتان ". فقال أربك أخبرك بهذا؟ قال " نعم "! قال فوالله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش فقال: يا معشر قريش، إن ابن أخي قد أخبرني بكذا وكذا، فهلم صحيفتكم، فإن كانت كما قال فانتهوا عن قطيعتنا وانزلوا عنها، وإن كان كاذبا دفعت إليكم ابن أخي. فقال القوم: قد رضينا فتعاقدوا على ذلك، ثم نظروا فإذا هي كما قال رسول الله فزادهم ذلك شرا. فعند ذلك صنع الرهط من قريش في نقض الصحيفة ما صنعوا.

قال ابن إسحاق: فلما مزقت وبطل ما فيها، قال أبو طالب، فيما كان من أمر أولئك القوم الذين قاموا في نقض الصحيفة يمدحهم:

ألا هل أتى بحرينا صنع ربنا … على نأيهم والله بالناس أرود (٢)

فيخبرهم أن الصحيفة مزقت … وأن كل ما لم يرضه الله مفسد

تراوحها إفك وسحر مجمع … ولم يلف سحرا آخر الدهر يصعد

تداعى لها من ليس فيها بقرقر … فبطائرها في رأسها يتردد (٣)

وكانت كفاء وقعة بأثيمة … ليقطع منها ساعد ومقلد

ويظعن أهل المكتين فيهربوا … فرائصهم من خشية الشر ترعد

ويترك حراث يقلب أمره … أيتهم فيها عند ذاك وينجد (٤)

فمن ينش من حضار مكة عزة … فعزتنا في بطن مكة أتلد

نشأنا بها والناس فيها قلائل … فلم ننفك نزداد خيرا ونحمد


(١) قال السهيلي: وللنساب من قريش في كاتب الصحيفة قولان، أحدهما: إن كاتب الصحيفة هو بغيض بن عامر بن هاشم بن عبد الدار، والقول الثاني: أنه منصور بن عبد شرحبيل بن هاشم من بني عبد الدار أيضا، وهو خلاف قول ابن إسحاق، ولم يذكر الزبير في كاتب الصحيفة غير هذين القولين، والزبيريون أعلم بأنساب قومهم.
(٢) بحرينا: قال السهيلي: يعني الذين بأرض الحبشة، والذين هاجروا إليها من المسلمين في البحر، وأرود: أرفق.
(٣) القرقر: اللين السهل، يتردد: المراد حظها من الشؤم والشر.
(٤) أيتهم: أي يأتي تهامة، وينجد: أتى نجدا.
وبعده في السيرة:
وتصعد بين الأخشبين كتيبة … لها حدج سهم وقوس ومرهد

<<  <  ج: ص:  >  >>