للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِسَهْمٍ، فَقَطَعَ مِنْهُ الْأَكْحَلَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بن قتادة قال رماه حيان (١) بْنُ قَيْسِ بْنِ الْعَرِقَةِ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فَلَمَّا أَصَابَهُ قَالَ خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ، اللَّهم إِنْ كُنْتَ أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقي لَهَا، فَإِنَّهُ لَا قَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أجاهد من قوم آذو رَسُولَكَ وَكَذَّبُوهُ وَأَخْرَجُوهُ.

اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْعَلْهَا لِي شَهَادَةً، وَلَا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا أَصَابَ سَعْدًا يَوْمَئِذٍ إِلَّا أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، وَقَدْ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا قَالَهُ لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ: أَعِكْرِمُ هَلَّا لُمْتَنِي إِذْ تَقُولُ لِي * فِدَاكَ بِآطَامِ الْمَدِينَةِ خالدَ ألست الذي ألزمت سعداً مريشة * لَهَا بَيْنَ أَثْنَاءِ الْمَرَافِقِ عَانِدُ (٢) قَضَى نَحْبَهُ مِنْهَا سُعَيْدٌ فَأَعْوَلَتْ * عَلَيْهِ مَعَ الشُّمْطِ الْعَذَارَى النَّوَاهِدُ وَأَنْتَ الَّذِي دَافَعْتَ عَنْهُ وَقَدْ دَعَا * عُبَيْدَةُ جَمْعًا مِنْهُمُ إِذْ يُكَابِدُ عَلَى حِينِ مَا هُمْ جَائِرٌ عَنْ طَرِيقِهِ * وَآخَرُ مرعوبٌ عَنِ الْقَصْدِ قَاصِدُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَيُقَالُ: إِنَّ الَّذِي رَمَى سَعْدًا خَفَاجَةُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ حِبَّانَ.

قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَةَ وَلِيِّهِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ فَحَكَمَ فِيهِمْ بِقُدْرَتِهِ وَتَيْسِيرِهِ وَجَعَلَهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ ذَلِكَ كَمَا سيأتي بيانه.

فحكم بقتل مقاتلهم وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بحكم الله فوق سبع أَرْقِعَةٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ قَالَ: كَانَتْ

صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي فَارِعٍ، حِصْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَتْ: وَكَانَ حَسَّانُ مَعَنَا فِيهِ مَعَ النِّسَاءِ والصبيان فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ، وَقَدْ حَارَبَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، وَقَطَعَتْ مَا بينهما وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَحَدٌ يَدْفَعُ عَنَّا وَرَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ فِي نُحُورِ عَدُوِّهِمْ، لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْصَرِفُوا عَنْهُمْ إلينا إذ أَتَانَا آتٍ.

فَقُلْتُ: يَا حَسَّانُ إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ كَمَا تَرَى يُطِيفُ بِالْحِصْنِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَوْرَتِنَا مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ يَهُودَ، وَقَدْ شُغِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَانْزِلْ إِلَيْهِ فاقتله.

قال: يغفر الله لك يا بنت عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا.

قَالَتْ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ عِنْدَهُ شَيْئًا، احْتَجَزْتُ ثُمَّ أَخَذْتُ عَمُودًا، ثُمَّ نَزَلْتُ مِنَ الْحِصْنِ إِلَيْهِ فَضَرَبْتُهُ بِالْعَمُودِ حَتَّى قَتَلْتُهُ.

فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهُ، رَجَعْتُ إلى الحصن فقلت: يا حسان انزل فاستلبه فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ سَلَبِهِ إِلَّا أَنَّهُ رجل.

قال: مالي بسلبه


(١) قال السهيلي: حبان: هو ابن عبد مناف بْنِ مُنْقِذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَيْصِ بْنِ عامر بن لؤي.
وقال الواقدي في رواية ويقال رماه: أبو أسامة الجشمي.
(٢) مريشة وتروى: مرشة: يعني رمية أصابته فأطارت رشاش الدم منه، والعاند: العرق الذي لا ينقطع منه الدم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>