للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خردل من كبر] المراد بذلك (١) أنه لا يدخلها إلا إذا طهر عن الكبر سواء كان بالتعذيب عليه أو بالعفو، وهذا وإن كان يعم جميع الذنوب فإن أحدًا لا يدخل الجنة وهو متلبس بشيء من الذنوب إلا أن التخصيص بالذكر لا ينفي الحكم، أو المراد به الكفر لأن كلاً منهما يلازم الآخر بوجه ما، ولا يبعد أن يقال: المنفي في الجملتين هو الدخول المستوعب لجملة الأزمنة التي لا يشذ شيء منها إلا والدخول موجود فيهما، وهذا الدخول ظاهر الانتفاء، أما من كان في قلبه كبر فلأن زمان تعذيبه مستثنى من دخول الجنة، فكان الاستيعاب غير موجود للنقص من الابتداء، وأما من كان في قلبه الإيمان فلأن دخوله في النار ليس للأبد حتى يستوعب الأزمنة كلها، ولا يبعد أن يقال: المنفي الدخول بحسب الاستحقاق فعدم الدخول جزاء نفس هذين الفعلين، ولا ينافيه لو كان دخول المتكبر الجنة واقعًا لعارض المغفرة أو لغيرها لكثرة الحسنات وغيرها، وكذلك المؤمن بحسب أصل اقتضاء إيمانه لا يستحق النار، ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن المتكبر لا يدخلها ما لم يعذب، وعلى هذا ففيه نفي للعفو فإن الكبر له مزية على غيره من الذنوب، كيف وهو أول ذنب وقع، والذي اختاره أشد المردة وهو الشيطان.

[باب في حسن الخلق]

قوله [عن أكثر ما يدخل الناس الجنة والنار] هما معروفان من مضارع الأفعال.


(١) حكى الحافظ في الفتح أكثر هذه الأجوبة إذ قال: اختلف في تأويل ذلك في حق المسلم فقيل: لا يدخل الجنة مع أول الداخلين، وقيل: لا يدخلها بدون مجازاة، وقيل: جزاؤه أن لا يدخلها ولكن قد يعفي عنه، وقيل: ورد مورد الزجر وظاهره ليس بمراد، وقيل: لا يدخلها حال دخولها وفي قلبه كبر، حكاه الخطابي واستضعفه النووي فأجاد لأن الحديث سبق لذم الكبر لا للإخبار عن صفة دخول أهل الجنة الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>