قوله [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم] إلخ، هذا ظاهره الاستمرار ودوام العمل عليه فلا يعارضه ما ورد في الرواية الآتية من أنه عليه السلام قرأ في صلاة جنازة فاتحة الكتاب فإنه لم يك إلا أحيانًا مع ما ورد في الروايات أن صلاة الجنازة إنما هي ثناء ودعاء فوجب حمل قرأته الفاتحة على أنه قرأها ناويًا بها الدعاء لا القراءة بيانًا لجواز ذلك ولو كان هو المستحب لدوام على قراءتها دوامه على هذه الأدعية وهو الذي ذهب إليه (١) الإمام من أنه لو قرأها ناويًا بها الدعاء لا القراءة صحت صلاته وإن كان الأولى هو الاختيار للدعاء.
قوله [حديث عكرمة بن عمار غير محفوظ] لوضع عائشة مقام أبي هريرة. قوله [وأغسله بالبرد] لما كان الماء آلة الغسل ومزيل النجاسة وكان أفضل الغسل ما آلة غسله أنقى وأكثر ما يوجد من المياه قد خالطه شيء مما لا يناسب أمر الطهارة أو النظافة اختار النبي صلى الله عليه وسلم لتشبيه ما يغسل به دنس الذنوب ما قد خلص من جميع هاتيك الشوائب وهو الماء المنجمد الذي نزل من السماء، كذلك فلم تصل إليه أيدي الكدورات ولم يشب به شيء من القاذورات مع ما فيه من برد يوجب قرار القلب تسكينه ولقد يشبه الطمأنينة بالبرد فكأنه استغسل أدناس المآثم بما يوجب المبالغة في إزالتها ويورث يقينًا لا يمازجه ريب.
قوله [من السنة القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب] هذا أعسر نسبة إلى الأول فإن قوله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب لا يفيد ما يفيده قوله من السنة
(١) اختلفت الأئمة في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، فأحبها الشافعي وأحمد، وأنكرها الحنفية ومالك، وممن كان لا يقرأ وينكر عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وأبو هريرة وغيرهم، وقال مالك: قراءة الفاتحة ليست معمولاً بها في بلدنا في صلاة الجنازة، هكذا في الأوجز وبسطت فيها الآثار التي استدل بها الحنفية، فارجع إليه.