للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخفتها يسرع ارتفاعها إلى فوق.

[باب في صفة غرف الجنة]

قوله [قال: إن في الجنة جنتين] الجنة الأولى (١) هي الجنة الاصطلاحية، والمراد بالجنتين درجتان منها. [على وجهه] إن أريد به وجه القوم فهو مستغن (٢) عن البيان، وإن أرجعت الضمير إليه سبحانه ففيه إشكال، لأنه يلزم إحاطة الرداء أيًا ما كان له تبارك وتعالى، والجواب (٣) أن قوله في جنة عدن لما كان ظرف الرداء لا يلزم ذلك، فالمعنى أن رداء الكبرياء على وجهه سبحانه على ما هو منه في جنة عدن. قوله [لا يرون الآخرين] لئلا بقربهم


(١) يعني المراد بقوله «إن في الجنة» الجنة الاصطلاحية، والمراد بقوله «جنتين» درجتان، يعني في الجنة درجتان من فضة ودرجتان من ذهب.
(٢) وإفراد الضمير باعتبار المخلوق أيا ما كان، وهذا التوجيه معروف بينهم كما ذكروه في روايات الحجاب من أحاديث الإسراء، قال القاضي في الشفاء: ما في هذا الحديث أي حديث الإسراء من ذكر الحجاب فهو في حق المخلوق لا في حق الخالق، فهم المحجوبون والباري جل اسمه منزه عما يحجبه، إذا الحجب إنما تحيط بمقدر محسوس، ولكن حجبه على أبصار خلقه وبصائرهم وإدراكاتهم بما شاء، وكيف شاء، ومتى شاء، ففي هذا الحديث، وخرج ملك من الحجاب يجب أن يقال إنه حجاب حجب به من وراءه من ملائكته عن الاطلاع على ما دونه من سلطانه، وعظمته، وعجائب ملكوته، وجبروته، انتهى.
(٣) وقال المازري: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب العرب بما تفهم، ويخرج لهم الأشياء المعنوية إلى الحس ليقرب تناولهم، فعبر عن زوال المانع ورفعه عن الأبصار بذلك. وقال عياض: كانت العرب تستعمل الاستعارة كثيرًا فخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم برداء الكبرياء على وجهه من هذا المعنى. وقال الكرماني: هو من المتشابهات، فإما مفوض أو متأول بأن المراد بالوجه الذات، والرداء صفة من الصفات اللازمة المنزهة عما يشبه المخلوقات، ثم استشكل ظاهر الحديث بأن يقتضي أن رؤية الله تعالى غير واقعة، وأجاب بأن مفهومه بيان قرب النظر، إذ رداء الكبرياء لا يبكون مانعًا من الرؤية، إلى أخر ما بسطه الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>