للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا من القرآن، فأشار إليه عمر في الجواب، حيث قال: إنه من حيث تعلم (١). أي تقديمي إياه للسبب الذي ليس بخاف عليك. قوله [إنما هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم] لأن أمر التبليغ لما كمل، وحصل ما كان أرسل له، وأخذ الناس يدخلون في دين الله أفواجًا، فاشرع يا محمد في التأهب إلينا، واستغفار ما لعله فرط منك، والتسبيح لله الحي القيوم الذي كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما وطنه الأصلي هي الدار العالية، وإنما كان فينا غريبًا أتى يقضي حاجة، كما أشار إليه بقول: أنا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح، فلما أدى صلى الله عليه وسلم ما عليه وقضى، ودع رفقاء طريقه ومضى، وقال: اللهم ألحقني بالرفيق الأعلى. قوله [صعد] بتشديد العين (٢) للمبالغة.

[سورة المعوذتين]

قوله [هذا هو الغاسق] ليس للحصر، بل المراد أن هذا هو الذي ذكر في الآية، والمراد بالإشارة إلى القمر (٣) هو ما بعد غروبه وانتشار الظلمة.


(١) والظاهر عندي في معناه أن فضله معلوم لك أيضًا لا يخفى عليك، والحديث بهذا اللفظ أخرجه البخاري في التفسير، قال الحافظ: وفي غزوة الفتح بهذا الوجه بلفظ: إنه ممن علمتم، وفي رواية شعبة: إنه من حيث تعلم، وأشار بذلك إلى قرابته من النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى معرفته وفطنته.
(٢) كما ضبطه بالإعراب في الأصل الذي بأيدينا من النسخة الأحمدية.
(٣) اختلفوا في تفسير الآية على أقوال عديدة بلغها الرازي في التفسير الكبير إلى خمسة: منها أن الغاسق إذا وقت هو القمر، قال ابن قتيبة: الغاسق القمر، سمى به لأنه يكسف فيغسق، أي يذهب ضوءه ويسود، ووقوبه دخوله في ذلك الاسوداد، ثم ذكر حديث الباب، ثم قال: وقال ابن قتيبة: ومعنى قوله: تعوذي بالله من شره إذا وقب، أي إذا دخل في الكسوف، وقال الخازن: معنى قوله: وقب دخل في الخسوف، أو أخذ في الغيوبة، وقيل: إذا وقب دخل في المحاق وهو آخر الشهر، وذلك الوقت يتم السحر المورث للتمريض، وهو المناسب بسبب النزول، ورجحه الرازي في التفسير، وقال: ولذلك السحرة إنما يشتغلون بالسحر المورث للتمريض في هذا الوقت، وهذا مناسب لسبب نزول السورة، فإنها نزلت لأجل أنهم سحروا النبي صلى الله عليه وسلم لأجل التمريض، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>