للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

أبواب فضائل (١) القرآن (٢)


(١) أي عمومًا وبعض سوره وآياته خصوصًا، والفضيلة ما يفضل به الشيء على غيره، قال الطيبي: أكثر ما يستعمل في الخصال المحمودة كما أن الفضول أكثر استعماله في المذمومة، قال السيوطي في الإتقان: اختلف الناس هل في القرآن شيء أفضل من شيء، فذهب الإمام أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان إلى المنع لأن الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه، وروى هذا القول عن مالك. وذهب الآخرون وهم الجمهور إلى التفضيل لظواهر الأحاديث، قال القرطبي: إنه الحق، وقال ابن الحصار: العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة في التفضيل، وقال الغزالي في جواهر القرآن: لعلك أن تقول قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض والكلام كلام الله، فكيف يكون بعضها أشرف من بعض، فأعلم أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية الكرسي وآية المدانية وبين سورة الإخلاص وسورة تبت، وترتاع على اعتقاد الفرق نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد فقلد صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم فهو الذي أنزل عليه القرآن، وقال: يس قلب القرآن، وفاتحة الكتاب أفضل سور القرآن، وآية الكرسي سيدة آي القرآن، وقل هو الله أحد عدل سور القرآن، وآية الكرسي سيدة آي القرآن، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وغير ذلك مما لا يحصى، انتهى. ثم قيل: الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب بحسب انفعالات النفس وخشيها، وقيل: بل يرجع إلى ذات اللفظ وإن ما تضمنته آي الكرسي وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته تعالى وصفاته ليس موجودًا مثلً في «تبت يدا أبي لهب» فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها، ملخص من المرقاة. وقال النووي: تأول الأولون ما ورد من إطلاق لفظ أعظم وأفضل في بعض السور والآيات بمعنى عظيم وفاضل، وقال إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين: إنه راجع إلى عظم قاري ذلك وجزيل ثوابه، والمختار جواز قول هذه الآية أو السورة أعظم وأفضل بمعنى أن الثواب المتعلق بها أكثرـ انتهى.
(٢) قال القارئ: القرآن يطلق على الكلام القديم النفسي القائم بالذات العلي، وعلى الألفاظ الدالة على ذ لك، والمراد ها هنا الثاني، ولا خلاف أنه بهذا المعنى حادث، وإنما الخلاف بيننا وبين المعتزلة في النفسي، فهم نفوه لقصور عقولهم الناقصة أنه لا يسمى الكلام إلا اللفظي وهو محال عليه تعالى وبنوا على هذا التعطيل قولهم: معنى كونه تعالى متكلمًا أنه خالق للكلام في بعض الأجسام ونحن أثبتناه عملًا بمدلول الأسماء الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، وبما هو المعلوم من لغة العرب أن الكلام حقيقة في النفس وحده، أو بالاشتراك، وقد جاء في القرآن إطلاق كل من المعنيين اللفظي والنفسي، ثم المعتمد أن القرآن بمعنى القراءة مصدر بمعنى المفعول، أو فعلان من القراءة بمعنى الجمع لجمعه السور وأنواع العلوم، خلافًا لمن قال: إنه من قرنت الشيء بالشيء لقرن السور والآيات فيه، وأغرب الشافعي إذ قال: اسم علم لكلام الله تعالى ليس بمهموز ولا مأخوذ من قرأت، انتهى. وأطلق صاحب (نور الأنوار) على كونه علمًا أنه المشهور وأورد عليه محشية بأنه لو كان علمًا لكان غير منصرف كعثمان، وأجاب عنه في العمدة بأنه اسم جنس ومع الألف واللام صار علمًا كالنجم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>