قوله [كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله] هذا إما أن يكون تغليبًا واعتبارًا للأكثر، أو لأنه لما لم يعتكف في رمضان قضاه فكان الأمر كأنه لم يفت فصح استغراقها الحكم والاعتكاف سنة مؤكدة إلا أنه على الكفاية دون أن يسن لكل أحد وتأكده بدوامه صلى الله عليه وسلم عليه وثبوت قضائه إذ لم يعتكف ومداومة الصحابة عليه.
قوله [كان رسول الله إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل في معتكفه] استدل بهذا من (١) قال بابتداء الاعتكاف من الفجر كما قال المولى المؤلف والجواب أنه لم يرد بالمعتكف المسجد، حتى يصح ما ذهبتم إليه إذ لا خفاء في أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الفرائض الخمس في المسجد لا غير فكيف يرتب الدخول في المعتكف على الفراغ
(١) اعلم أن الاعتكاف على ثلاثة أنواع: النفل والمنذور والسنة المؤكدة واختلفوا فيها باعتبار تجديد الوقت اختلافًا كثيرًا بسطت في الأوجز، والمقصود ههنا في الرواية القسم الثالث وهي السنة المؤكدة والجمهور ومنهم الأئمة الأربعة على أن يدخل قبيل الغروب من آخر العشر الثاني قال أبو الطيب تحت قوله صلى الفجر ثم دخل معتكفه احتج به من يقول يبدأ الاعتكاف من أول النهار وبه قال الأوزاعي والنووي والليث في أحد قوليه وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد يدخل فيه قبيل الغروب إذا أراد اعتكاف شهر أو عشر وتأولوا الحديث على أنه دخل المعتكف وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف، انتهى، قلت: وهكذا حكى النووي عن المنادي فما حكى الترمذي من مذهب الإمام أحمد لو صح يكون رواية له كما مال إليه أبو الطيب.