للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رخص في الليلة، والظاهر أن التقييد بهما اتفاقي.

قوله [وله ما يوصي فيه] بالبناء (١) للمجهول أي وله شيء ينبغي فيه الوصية، وهو (٢) قابل مثل أن يكون عليه ديون أو في يديه عوار أو ودائع إلى غير ذلك، وأما إذا لا فلا، وبذلك يصح عدم إيصاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى العرفي لما لم يكن عليه حق لأحد، وأما إذا أخذ الوصية بمعنى مطلق أمر الميت بما يجب تنفيذه بعد الموت فبهذا المعنى كان واجبًا عليه صلى الله عليه وسلم وقد فعله، وبهذا يظهر أن الآية {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} إن أريد بها المعنى الأعم لا يحتاج إلى القول بالنسخ.

[باب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص]

قوله [قال لا] والجواب ظاهر بما أسلفنا، وحاصل سؤاله أن الوصية مع كونها مكتوبة كيف تركها النبي صلى الله عليه وسلم، وحاصل الجواب أن الوصية العرفية لم تكن واجبة عليه لكونه لم يترك خيرًا حتى يوصي فيه، وأما إذا كان بمعنى العام فقد كانت واجبة عليه، ولم يتركها بل أوصى إلخ. قوله [فلا وصية


(١) وقال القارئ: بفتح الصاد وكسرها، قال الطيبي: ما بمعنى ليس، ويبيت صفة ثالثة لأمرئ ويوصي فيه صفة والمستثنى خبر ليس، انتهى. وقال الحافظ: قوله يبيت كان فيه حذفًا تقريره أن يبيت، ويجوز أن يكون صفة لمسلم كما جزم به اليطبي، انتهى. وأنكر العيني تقدير الحذف.
(٢) قال ابن الملك: ذهب بعض أهل الظاهر إلى وجوبها لظاهر الحديث، والجمهور على ندبها لأنه صلى الله عليه وسلم جعلها حقًا للمسلم لا عليه، ولو وجبت لكانت عليه وهو خلاف ما يدل عليه اللفظ قيل: هذا في الوصية المتبرع بها، وأما الوصية بأداء الدين ورد الأمانات الواجبة عليه فواجبة عليه، ثم ظاهر الحديث مشعر بأن مجرد الكتابة بلا إشهاد عليه كاف وليس كذلك بل لا بد من الشاهدين عند عامة العلماء لأن حق الغير تعلق به فلا بد لإزالته من حجة شرعية، كذا في المرقاة والبسط في الفتح والعيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>