للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر والإذن قد يكون صراحة وقد يكون دلالة والأول هو الأول والأولى فعليه أن يجهد لتحصيل صريح الإذن لأصالته، وإذا علم أن ليس هناك أحد يستأذنه يكتفي بدلالة إذن العرف ولا يجوز الإقدام عليه فيمن ليس لهم عرف في الإذن إلا أن المضطر يشرب منه ويضمن.

[باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام]

عطف على الجلود وبيعها حرام إذا باعها لكونها أصنامًا، وأما إذا باعها لغير ذلك كمن باع حطبًا وفيه أصنام خشب فالبيع جائز إذا باع بثمن الخشب والحطب لأنه لم يبع أصنامًا إلا أن يبيعه ممن يعلم أنه يعظمه أو يعبد، قوله [قيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة إلخ] إنما سألوا عن ذلك بعد العلم بأن حرمة الانتفاع بالميتة توجب حرمة الانتفاع بسائر أجزائها لما علموا أن بعض أجزاء الميتة جائز استعمالها كاهليها (١) وعظامها فلعل الحكم في الشحم يكون هو الجواز كيف وهم يفتقرون إليه في كثير من الأمور مع ما رخص الشارع في إحراق بعض النجاسات كإحراق الخثي والروث والبعر والاستصباح بالدهن (٢) الذي تنجس بوقوع نجس فيه، وحاصل الجواب أن جواز الانتفاع موكول على زوال الرطوبات النجسة ولا يمكن زوال الرطوبة من الشحم ثم أكد النبي صلى الله عليه وسلم أمر حرمة الانتفاع بالميتة وأجزائها، بقوله [قاتل الله إلخ] لما أن الغالب عليهم أن يرتكبوا مثل ما ارتكبت اليهود


(١) أي بعد الدبغ فإنه لا يجوز استعماله قبل الدبغ عند الجمهور.
(٢) ففي الدر المختار عن المجمع ونجيز بيع الدهن المتنجس والانتفاع به في غير الأكل بخلاف الودك، قال ابن عابدين: قوله نجيز أشار بالفعل المضارع بضمير الجماعة إلى خلاف الشافعي كما هو اصطلاحه، وقوله في غير الأكل كالاستصباح وقيدوه بغير المسجد، وقوله بخلاف الودك، أي دهن الميتة لأنه جزؤها فلا يجوز بيعه اتفاقًا، وكذا الانتفاع به لحديث البخاري «إن الله حرم بيع الخمر» فذكر حديث الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>