للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأشغال الدينية والانهماك والمبالغة في الأمور الدنيوية فخشى منهم أن يقتصروا بتوهمهم الناشئ من الجواب الذي ذكرنا على إتيان الفرائض والواجبات ويتركوا النوافل والسنن الراتبات قانعين بدخول الجنة والنجاة من النار عن الجهد في تحصيل درجات مالها من قرار، [قوله صلى الله عليه وسلم] أي النافلة بل في آخر الليل لأنه كان يحب التخفيف في الفرائض رعاية لمن خلفه، وقوله [حتى انتفخت] وفي بعض الروايات تشققت ولا منافاة فإن التشقق نوع (١) من الانتفاخ، غايته أنه الفرد الكامل منه [عبدًا شكورًا] مبالغة الشاكر، وفيه من اللطافة ما لا يخفى إذ الشكر على مقدار النعم ولما كانت النعم عليه كثيرة كان المناسب لشكره الكثرة.

قوله [باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة]

.

أي أول حساب العبادات يكون في الصلاة وهذا الباب مثل الدليل للباب الأول فإنه لما كانت الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة كان اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الصلاة لا يخفي وجهه وقوله إن الصلاة أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة يعني في حقوقه تعالى والدماء أول ما يحاسب به في حقوق العباد (٢) قوله [فإن صلحت فقد أفلح وأنجح] أي في حسابه ذلك وكذلك ما بعده من الخيبة والخسران قوله [شيئًا] نصب على التمييز (٣) والرواية ههنا من فريضة بالتنكير، قوله


(١) باعتبار أنه يترتب عليه غالبًا بل لا يكون كمال الانتفاخ إلا التشقق ويمكن التفصي عن أصل الإيراد بأن الانتفاخ والتشقق كليهما وقع.
(٢) وعلى هذا فلا ينافي الحديث الصحيح أول ما يقضي بين الدماء، وقيل في وجه الجمع بينهما إن المحاسبة غير القضاء كما في البذل.
(٣) ويحتمل النصب على المصدرية كما قاله صاحب المدارك وغيره في تفسير قوله {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} وهذا كله على تقدير أن انتقص لازم وأما على كونه متعديًا فهو مفعول، قال المجد: أنقصه ونقصه وانتقصه ونقصه فانتقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>