أيضًا بقوله وعليكم السكينة فعلم أن كل ما هو يخالف السكينة فهو الذي نهى عنه وهذا لما يجب عليه من أدب المسجد وهذا مخالف له ولأنه لما خرج من البيت يريد الصلاة كتب في الصلاة فهو مأجور ولا يأتي بشيء مما ينافي هيئة الصلاة إلا ويقل به نصيبه من الأجر مع ما في ذلك من خوف السقوط المستلزم فوات الجماعة رأسًا وربو النفس التي لا يكاد يقدر به على تصحيح التكبير والثناء إلى غير ذلك من المفاسد ولفظ الحديث يدل على النهي مطلقًا وما ذكره الترمذي من أقوال العلماء الذين خصصوا من ذلك الإطلاق أحوالاً فإنما يبنى قولهم على ما ورد في فضل التكبيرة من الأخبار فجوز والإحراز ذلك الفضل شيئًا من ذلك احرازًا لكلتا الفضيلتين وكأنهم رأوا أن ما يعروه من النقصان في ذلك ينجبر بإدراك فضيلة التكبيرة الأولى بل يفضل له بعد ذلك شيء كثير من الأجر والإمام (١) من الذين منعوا السعي والهرولة وذلك لدوران الفعل بين النهي والفضل فلو دار الفعل بين الأمر والنهي لكان الأخذ بالنهي هو الأولى فكيف به وليس بجنبه أمر صريح وإنما هو مطلق بيان الفضل فالواجب عليه إدراك هذا الفضل على وجه خال عن المحظور الشرعي لا بارتكاب المنهي عنه ومع ذلك فلو فعل يثاب ثوابًا كاملاً وإن اجتمعت معه كراهة أيضًا.
[باب القعود في المسجد]
.
قوله [لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها] وبهذا استنبطوا أن لا يفعل ما ينافي أمر الصلاة في فرقعة الأصابع والضحك والقهقهة، ولما كان بذلك لا يعلم حكم من دام في المسجد وليس ينتظر الصلاة، وإنما تلبثه فيه لغير ذلك من ذكر أو تلاوة قرآن أو نحوه بينه بقوله لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث، ولما تردد السامع في قوله ما لم يحدث أنه هل هو من الحدث بمعنى أحداث أمر في الدين؟ أو هو من
(١) والمراد سراج الأمة أبو حنيفة النعمان، كما جزم به في الإرشاد الرضى.