قوله [يقاتل شجاعة] الشجاعة اقتضاء طبيعي ليس مداره على رضا الله تعالى ولا على تقاول الناس وبذلك فارق الشجاعة الرياء فليس له قصد فيه إلا أنه مجبور عن طبيعته التي هو مجبول عليها والحمية هي العصبية والغيرة الباعثة له على الانتقام ممن قاتله أو تعرض له بسوء ولا كذلك المرائي فإنه إنما قصد أن يراه الناس فيعلموا ما له في الله من المشاق والمتاعب أو ليعلموا ماذا له من القوة والجلادة وعليك بالفرق بين الأقسام ويمكن أن يكون معنى قوله للشجاعة أي لإظهار شجاعته ليعلم الناس ما ذاله من المكنة (١) في الحروب والصبر في معاناة الكروب وعلى هذا فمعنى قوله رياء هو القصد إلى إظهار منزلته عند الله حيث أتلف مهجته في سبيله ثم عمم النبي صلى الله عليه وسلم في الجواب ليشتمل الجواب عن المذكورين وغيرهم.
قوله [لغدوة في سبيل الله أو روحة إلخ] والعادة في الغزو أن يقاتلوا من الصبح إلى الزوال ثم من الظهر إلى العصر أو بعده بقليل، فالأول هي الأولى والثاني هي الثانية، [خير من الدنيا وما فيها] هذه الفضائل تحريض للغزاة على أن يخلصوا لله تعالى أعمالهم لأنهم لما أخلصوا كان لهم من الأجور ما ذكر وإن لم يخلصوا ذهب أجر الآخرة رأسًا، وأما أجر الدنيا الدنية فمع كونه غير اختياري ليس بشيء يعتد به في جنبه.
[ولقاب قوس أحدكم إلخ] والعادة جارية بأن الراكب يلقى سوطه حيث أحب النزول، وذلك لئلا يسبقه آخر إلى هذا الموضع وعلى هذا فموضع السوط وموضع القوس كناية عن موضع إقامة رجل واحد، قوله [ألا تحبون أن يغفر