للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله لكم] يعني أن المقصود لما كان هو المغفرة والفوز بالنعيم المقيم وهو حاصل بالمعية برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تتركون مصاحبته وبقاسوا (١) مفارقته، قوله [فواق ناقة] وللفواق معان ثلاثة الأول الفصل بين الحلبتين ويكون زمانًا يعتد به في النوق، الغزار التي تدر وتحلب مرارًا كثيرة ثلاثة أو أربعة في كل يوم وليلة كما هو العادة في البيع وغيره حيث يباع اللبن مرة مرة، والثاني ما يقع في الفصل في حلبة واحدة في الحلوبة التي تسرق لولدها وتدر بعد ترك الولد، والثالث الفصل الذي يقع بين كل حلبة واحدة عادة مرارًا كثيرة وهذا الوقت قليل جدًا.

قوله [رجل يسأل بالله ولا يعطى به] الأول مجهول والثاني معروف فيكون مسئولاً أو بالعكس فيكون سائلاً وحاصله على الثاني بيان خيبته فإنه مع سؤاله بالله لم يعط به فكان خسر الدنيا والآخرة وهذا إشارة إلى أنه لا ينبغي له أن يسأل بالله بل يسأل ببيان فقره واحتياجه، ثم إن أفضلية الجهاد وكذلك من تلاه من الذي هو متفرد في جبل إنما هو باعتبار اختلاف الأوقات فكثيرًا ما يفضل الجهاد على سائر الطاعات، وأما فيما فسد من الزمان كما في وقتنا هذا حيث لا جهاد ولا يقبل أحد عن أحد فالأفضل هو التوحد في الأكام والجبال لا أن يبقى فيهم.

[اللون لون الدم] ولا يخالفه ما ورد من أن لونه لون الزعفران لأن الغرض أنه يكون مرغوبًا فيه لا مكروهًا وكم من دم لونه أحمر ناصع يعجب النواظر، وهو المراد بالزعفران فالمؤدي واحد، قوله [وكسر جفن سيفه] وذلك لأن قراب السيف إنما يكون وعاءًا للسيف عند الفراغ من الحرب ولم يقصد الرجل بقاء نفسه بعد ذلك حتى يغمض فيه سيفه بعد الحرب، وأما لو أبقاه لوقع في أيدي الكفار فأحب أن ينقصهم وفي ذلك غاية استعداد ونهاية عزيمة لما قصد، قوله [للشهيد عند الله ست خصال] والمذكور ههنا سبعة ولا ضير فيه إذ المفهوم لا يعتبر به أو يجعل اثنان منها واحدة لما بينهما من الملازمة كالأمن من عذاب القبر والفزع الأكبر، أو يقال أن التشفيع في سبعين من الأقارب معطوف على قوله ست


(١) هكذا في الأصل والظاهر تقاسون.

<<  <  ج: ص:  >  >>