للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الذي في يكذب في حلمه (١)] قوله [كلف يوم القيامة عقد شعيرة] وجه ذلك (٢) أنه أخبر بالمحال فيكلف المحال، ففي الكذب في الرؤيا زيادة نسبة إلى


(١) وافق المصنف في ذلك تبويب البخاري إذ بوب في صحيحه ((باب من كذب في حلمه)) أي باب في إثم الذي يكذب، والحلم بضم المهملة وسكون اللام ما يراه النائم، قال الحافظ: وحديث على هذا سنده حسن، وقد صححه الحاكم، ولكنه من رواية عبد الأعلى بن عامر ضعفه أبو زرعة، انتهى.
(٢) ولفظ البخاري بسنده إلى ابن عباس مرفوعًا: من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعرتين ولن يفعل، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها، وليس بنافخ، قال الحافظ: ومعنى العقد بين الشعرتين أن يفتل إحداهما بالأخرى، وهو مما لا يمكن عادة، ومناسبة الوعيد المذكور للكاذب في منامه وللمصور أن الرؤيا خلق من خلق الله، وهي صورة معنوية فأدخل بكذبه صورة لم تقع، كما أدخل المصور في الوجود صورة ليست بحقيقية، لأن الصورة الحقيقية هي التي فيها الروح، فكلف صاحب الصورة اللطيفة أمرًا لطيفًا، وهو الاتصال المعبر بالعقد بين الشعرتين، وكلف صاحب الصورة الكثيفة أمرًا شديدًا، وهو أن يتم ما خلقه بزعمه بنفخ الروح، ووقع وعيد كل منهما بأنه يعذب حتى يفعل ما كلف به، وهو ليس بفاعل، فهو كناية عن تعذيب كل منهما على الدوام، وقال أيضًا قال المهلب: في قوله كلف أن يعقد بين شعرتين حجة الأشعرية في تجويزهم تكليف ما لا يطاق، ومثله في قوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)} وأجاب من منع ذلك بقوله تعالى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} وحملوه على أمور الدنيا وحملوا الآية والحديث المذكورين على أمور الآخرة، انتهى. والمسألة مشهورة فلا نطيل بها، والحق أن التكليف المذكور في قوله: كلف أن يعقد ليس هو التكليف المصطلح، وإنما هو كناية عن التعذيب كما تقدم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>