للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرطب وغيره على مذهب هؤلاء أن رطوبة الماء معفوة للصائم دون غيرها فكان في السواك الرطب للصائم يحتمل أن يختلط اللعاب برطوبة السواك فيدخل الجوف فينتقض بذلك صومه ولأن الرطب منه تتفرق أجزاؤه دون الجاف، والجواب أن الشرع لما بين الفضل فيه ولم ينه عنه في وقت وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستاك في صومه ولم يرد ما يخصصه بكونه بالسواك الجاف أو بكونه في أول النهار بقى على عمومه وكان هذا القدر من الرطب وغيره معفوًا ضرورة، واستدل المانعون للسواك في آخر النهار بقوله صلى الله عليه وسلم، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وهذا لا يثبت مرامهم فإن مقتضى ذلك بيان الفضل للصائم حتى إن ما ينكر عن غيره ويكره يجب عنه ويعرف، وليس المراد به أن لا يزيله عنه حتى يؤذي به المسلمين والملائكة مع أن إزالته بالسواك عن فهمه لا يزيله عن علمه تعالى وخزائنه فيثاب على ما يدخر له من خلوف فمه ما ادخر له من آلائه تعالى ونعمه ولا يبعد أن يقال لما كان هذا الذي يكرهه كل أحد محبوبًا من الصائم فكيف بالذي لا يكرهه أحد لا سيما وهو سنة النبي الكريم ومرضاة له تعالى في الحديث والقديم.

[باب الكحل للصائم]

.

قوله [اشتكت عيني أفأكحل وأنا صائم] وكان السبب في السؤال عنه أن الريق يتغير بلون ما يكتحل به العين وتحس مرارة الصبر إذا ألقى في العين في الحلق فعلم بذلك وصوله إلى الجوف وهو السبب فكان مظنة نوم انتقاض الصوم لكن لما كان ورودهما لا بطريق المنفد بل بطريق الجذب والترشح كان معفوًا لأن في الحكم بانتقاض الصوم بذلك حرجًا ظاهرًا فإن المتوضئ إذا أصابت اعضاءه بلة فإنها تجذب بمساماته إلى الداخل، إلى غير ذلك مما لم يكن منه بد، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إلى أن النقض في الصوم لا يكون بذلك النفوذ وهذا معفو.

[باب القبلة للصائم] قوله [والمباشرة أشد] لأن في القبلة تماس جزء من بدنه بجزء من بدنها فكيف إذا كثر فإن المباشرة إنما تتحقق بتجردهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>