للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في كراهية خروج المرأة متعطرة]

قوله [فهي كذا وكذا] لأن (١) الطيب داع إلى الفتنة والنساء طبعًا. قوله [طيب الرجال إلخ] أي ما ينبغي لهم وما هو لائق بحالهم، وكذلك في النساء فإن النساء لما أمرن بالتحجب والتحلي يجب أن يكون تلبسهن بما لا يفوح حتى يقصر عليها، وعلى محارمها وأزواجها، بخلاف الرجال فإن الأولى لهم من الألوان هو البياض واللون يخالف بخلاف ما يفوح من الطيب فإنه يناسبهم لحضورهم المجامع والمشاهد، وغشيانهم المجالس والمساجد.

قوله [نهى عن الميثرة (٢) الأرجوان] فمن قال بحرمة الحرة


(١) قال الشيخ في البذل: ولفظ النسائي فهي زانية، سماه النبي صلى الله عليه وسلم زانية مجازًا لأنها رغبت الرجال في نفسها فأقل ما يكون هذا سببًا لرؤيتها، وهي زنا العين، انتهى. والحديث أخرجه أبو داود برواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين، وزاد في آخره قال سعيد: أراه (أي قتادة) قال: إنما حملوا قوله في طيب النساء على أنها إذا خرجت، فأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت، انتهى.
(٢) الميثرة بكسر الميم وسكون التحتية وفتح المثلثة بعدها راء مهملة ثم هاء، هكذا في الفتح، وفي المجمع: بكسر الميم وسكون الهمزة، وقال الحافظ: لا همزة فيها، أصلها من الوثارة، والوثرة بكسر الواو وسكون المثلثلة والوثير الفراش الوطئي، وامرأة وثيرة كثيرة اللحم، وفي المجع هي: وطاء محشو أصله الواو وميمه زائدة من وثر وثارة فهو وثير، أي وطئى لين يتخذ كالفراش الصغير ويحشى بقطن أو صوف، والأرجوان بضم الهمزة والجيم بينهما راء ساكنة ثم واو خفيفة، وحكى عياض والقرطبي فتح الهمزة، وأنكره النووي، وصوب أن الضم هو المعروف في كتب الحديث واللغة، واختلفوا في المراد به، فقيل: هو صبغ أحمر شديد الحمرة، وقيل: الصوف الأحمر، وقيل: كل شيء أحمر فهو أرجوان، هكذا في الفتح، وفي المجع: ورد أحمر أو صبغ أحمر، والأكثر في كلامهم إضافة الثوب والقطيفة إليه، وقا القاري: وفي النهاية: هو معرب أرغوان هو شجر له نور أحمر، وكل لون يشبهه فهو أرجوان، وفي القاموس: الأرجوان بالضم الأحمر، والمفهوم من كلام بعضهم أن الميثرة لا تكون إلا حمراء، فالتقييد إما للتأكيد أو بناء على التجريد، انتهى. وفي البخاري برواية عاصم عن أبي بردة عن علي: الميثرة كانت النساء تصنعه لبعولتهن مثل القطائف يصفونها، قال المحشى عن القسطلاني: من الصفرة، وفي العيني: من التصفير، وفي الفتح: يصفونها، أي يجعلونها كالصفة، ثم قال البخاري: وقال جرير عن يزيد في حديثه: الميثرة جلود السباع، قال أبو عبد الله: قول عاصم أكثر وأصح في الميثرة، قال النووي: هذا التفسير باطل، وقال الحافظ: ليس بباطل، بل يمكن توجيهه، وهو ما إذا كانت المثيرة وطاء صنعت من جلد ثم حشيت، والنهي حينئذ إما لأنها من زي الكفار أو لأنها لا تعمل فيها الذكاة، وقال أبو عبيد: المياثر الحمراء التي جاء النهي عنها كانت من مراكب العجم من ديباج وحرير، ثم قال الحافظ بعد ذكر الاختلاف في تفسير المياثر: فإن كانت من حرير فالنهي فيها كالنهي عن الجلوس على الحرير، وتقييدها بالأحمر أخص، فيمتنع إن كان حريرًا، ويتأكد المنع إن كانت مع ذلك حمراء، وإن كانت من غير حرير، فالنهي للزجر عن التشبه بالأعاجم أو للسرف أو التزين، وبحسب ذلك تفصيل الكراهة بين التحريم والتنزيه، وقيل: من زي المترفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>