للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فلم يترك عبد الرحمن أن يعوده ويصل إليه فكان أوصل أصحابه صلى الله عليه وسلم، ولا يبعد أن يكون فيه أمور لم تذكر ههنا وهي باعثة لهذا الكلام.

قوله [أنا الرحمن] يعني بذلك (١) أني شققتها من مادة الرحمة ووضعت فيها قسطًا من الرحمة وإن لكل من اسمه نصيبًا، ولا يبعد أن يراد بالاسم نفس المسمى.

[باب في حب الولد]

قوله [وتجهلون] من الجهل مقابل العلم لا ما يقابل الحلم فإن بعضهم كان بالاشتغال بالأولاد والأهل لم يحضر المدينة فبقى جاهلاً فعزم على أن يقتل أولاده ولا يبعد حمله على مقابل الحلم لأنه يكون سببه أيضًا، قوله [وإنكم لمن ريحان الله] دفع لما أوهمه الكلام السابق من أنهم لما كان شأنهم ذلك فلا ينبغي أن يتوجه إليهم أحد بل ولا ينظر إليهم بمؤخرة عينية أيضًا، فقال إنكم من ريحانة الله، والريحانة (٢) محبوبة مشمومة تورث فرحًا في القلب وحبورًا وتوجب تسلية للكئيب وسرورًا فكذلك ينبغي أن يكون الرجل بأولاده الأدنين منهم والأقصين.


(١) وفي رواية للبخاري: الرحم جنة من الرحمن، قال الحافظ: الشجنة عروق الشجر المشتبكة أي يدخل بعضها في بعض أخذ اسمها من هذا الاسم كما في حديث السنن شققت لها اسمًا من اسمي، والمعنى أنها أثر من آثار الرحمة، وقال الإسماعيلي: معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة وليس معناه أنها من ذات الله، تعالى الله عن ذلك انتهى، والخلاف في واضع اللغات من هو شهير.
(٢) قال الحافظ قال صاحب الفائق: أي من رزق الله يقال سبحان الله وريحانه أي أسبح الله واسترزقه ويجوز أن يراد به الشموم لأن الأولاد يشمون ويقبلون فكأنهم من جملة الرياحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>