الحمد لله الذي آتانا من لدنه رحمة فهيأ لنا من أمرنا رشدًا، وأنزل لنا من أمره روحًا يحيى به قلوب السعداء ويصير للأشقياء شهابًا رصدًا، أرسل سيد الرسل بالرشد والفلاح فالعاضون بالنواجذ على سننه هم الأحباء لله وأولياؤه ونشر به الحكم والمعارف فالمبلغون لمقالاته بعد سماعها هم الناضرون وجوهًا يوم القيامة وأصفياؤه، وعلى آله وصحبه وأتباعه الذين أراد الله بهم الخير ففقهم في الدين والشرائع، وجعلهم أئمة وهداة يخرجون الناس من غياهب الشكوك والأوهام إلى أنوار الحجج والسواطع، أفاض عليهم من العلوم الدنية ما خلت عنه الدواوين والأسفار، وكلت دون إدراكها إذهان ذوي الألباب الذكية والأبصار، غرسهم بأيدي الكرامة فالمقتطفون من ثمار جهدهم هم النجباء الفائزون، وجدد بهم الدين القويم فالمتبعون لآثارهم هم السعداء الناجحون.
أما بعد: فمن أعظم ما من الله به على هذه الملة البيضاء أن بعث لها مجددين مثل حضرة قطب الأقطاب، رئيس ذوي الفضل والألباب، إمام الأئمة، مقتدي الآجلة، مقدام الحكماء، مفتخر النجباء، من بأنفاسه الشذية تحي النفوس والأرواح وبهمته القدسية تتجلى القلوب وتتزكى الأشباح، ملأ أطباق الأرض شرقًا وغربًا بالمعارف والإيقان، ونشر في أرجاء الغبراء فوائح السنة والإحسان، أبي حنيفة