للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرء فلا تنقض الوضوء لعدم انبعاثها من محل النجاسة فإن المثانة لبعدها لا تصل ريحها إلى خارج وتتلاشى فيما بين ذلك وتتحلل بخلاف الدودة الخارجة من دبرهما فإنها ناقضة لأنها وإن لم تكن نجاسة (١) إلا أن ما عليها من النجاسة ناقض وإن قل، ولا كذلك الدودة الخارجة من القبل والذكر فإن المثانة لحدتها لا يمكن تكون الدود فيها فلا يكون إلا من جرح ثمة والقليل من غير السبيلين لا يكون ناقضًا ولعله السبب في حرمة المثانة دون الأمعاء.

[باب الوضوء من النوم]

لا خلاف في أن النوم ليس سببًا لنقض الوضوء بنفسه وإنما القول (٢) بانتقاض الطهارة بالنوم مبني على كونه علة للاسترخاء الداعي


(١) وتوضيح ذلك أن الآية التي ذكرت فيها موجبات الوضوء اختلفت الأئمة في تعليلها على ثلاثة أقوال فقال قوم سبب الوجوب خروج النجس فأوجبوا الوضوء في كل خارج نجس من المخرج المعتاد أو غير المعتاد وممن قال بذلك أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأحمد وجماعة ولهم من الصحابة سلف فقالوا كل نجاسة تخرج من الجسد يجب منها الوضوء كالدم والرعاف والفصد وغير ذلك، وقال آخرون العلة الخروج من المخرج المعتاد فقالوا كل ما يخرج من السبيلين فهو ناقض من أي شيء خرج من دم أو حصًا أو غير ذلك كان خروجه على سبيل الصحة أو المرض وممن قال بذلك الشافعي وأصحابه ومحمد بن عبد الحكم من أصحاب مالك، وقال آخرون: العبرة للخارج والمخرج وصفة الخروج فقالوا كل ما خرج من السبيلين مما هو معتاد خروجه كالبول والغائط والودي والريح إذا كان خروجه على سبيل الصحة فهو ينقض وإلا فلا فلم يروا في الحصاة والدود وضوءًا ولا في السلسل قاله ابن رشد في البداية.
(٢) اختلفوا في انتقاض الوضوء من النوم على ثمانية مذاهب ذكرها النووي وتبعه الشيخ في البذل وغيره وهذه المذاهب كلمها ترجع إلى ثلاثة، قال ابن العربي اختلف الناس في النوم على ثلاثة أقوال: الأول إن قليل النوم وكثيره ينقض الوضوء قاله إسحاق وأبو عبيد قاسم بن سلام والمزني، الثاني إن النوم لا ينقضه بحال ويؤثر ذلك عن أبي موسى الأشعري وأبي مجلز بن حميد من التابعين، والثالث الفرق بين قليل النوم وكثيره وهو قول فقهاء الأمصار والصحابة الكبار والتابعين، انتهى، قلت: وهذا هو قول الأئمة الأربعة مع الاختلاف الكثير وتعدد الأقوال لهم في الفريق بين القليل والكثير فجعل ابن العربي للنوم إحدى عشر حالاً وبسطها.

<<  <  ج: ص:  >  >>